وأمينه، وعقده وثمينه، السيد الأجلّ الذي غدت آراؤه للمصالح كوافل، وأذكى للتدبير عيون حزم غير ملتفتات عنه ولا غوافل، وأطلع من السّعد نجوما غير غوارب ولا أوافل، وقام بفرائض النّصائح قيام من لم يجوّز فيها رخص النّوافل، وتحدّثت بأفعاله رماحه في المحافل فما راعت الجحافل.
ولمّا مثل بحضرة أمير المؤمنين أجمل ذكرك وأطابه، وقصد بك غرض الاصطناع فأصابه، واستمطر لك الإنعام الغدق السّحاب فأجابه، ووصف ما أنت عليه من شهامة شهدت وشهرت، وصرامة تظاهرت وظهرت، وكفاية برعت وفرعت، ونزاهة استودعت الأمانة فرعت، ومناصحة انفردت بوصفها، وتحلّت واسطة عقد صفّها، وجهاد لم يزل به القرآن مغريا، والصّعب المقاد مذعنا والخطب عابيا «١» في قيادها مدعيا، وقرّر لك الاستخدام في زمّ الطائفة فأمضى تقريره، واستصاب تدبيره، وخرج أمره إليه بأن يوعز إلى ديوان الإنشاء بكتب هذا السّجلّ وإيداعه ما تهتدي به، وتعمل بتأديبه؛ فتقلّد ما قلّدته من ذلك عاملا بالتّقيّة فإنها الحجة والمحجّة، والجنّة، والمدد السليم، والمربح القويم، والنعمة والنّعيم، يقول الله سبحانه في كتابه الحكيم: وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى
«٢» ؛ فانهض بشروط هذا الزّم نهوضا يؤدّي عنك من النّصح مفروضا، ويجعل لك كلّ يوم كتاب شكر مفضوضا، وسس هذه الطائفة بما يوليها دواعي الوفاق، ويحميها من عوادي الافتراق، واجهد في منافعها مجتلبا، ولأخلاف درّها محتلبا، وانتصب لاستشفاف أحوالهم وتعهّدها وملاحظة أفعالهم وتفقّدها؛ فمن ألفيته إلى فرائض الخدمة مسرعا، وبنوافلها متطوّعا، وبكرمه عمّا يشينه مترفّعا، شحذت بصيرته بالتّكرمة، ورشّحت همّته للتّقدمة، ومن وجدته لتلك الصفات الزائنة مخالفا وللصفات الشائنة مؤالفا، ولنفسه عمّا يرفعها صارفا،