للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوحيد، وأجراه من بركاته التي لا تقول الآمال لها هل من مزيد، وأوراه من فتكاته التي لا تقول لها الآجال هل من محيد، وأجدّ به من إرادته لأزمة الأيام فهي بين إنعامه وإسقامه تفيد وتبيد، وأحدثه له من معجزات التأييد التي تملك أحاديثها رقّ التأبيد، وشرّف به قدره في ملكوت السموات والأرض والملائكة له أنصار والملوك له عبيد، وألهمه من إيداع جليّ صنائعه حيث لا ينكر المقلّد ولا يستغرب التقليد، وأنطق به لسان كرمه من بدائع إحسان تروق بين التّرديد والتوليد- ينظر بنور الله فيمن ينظر به للجمهور، ويجلو عقائل المكارم على من هو ماهر في تقدمة المهور، ويربح الذين يرجون بولائه تجارة لن تبور، ويقتدح الأنوار المودعة في سواد الشّباب كما يودع في سواد العين بياض النّور، ويرفع رتب الأعيان حتّى إذا تعاطاها سواهم ضرب بينه وبينها بسور، وتعود أياديه إلى بيوت النّعم فكلّ بيت تولّاه كالبيت المعمور، وتهدي السرور بهم إلى صدور الثّغور، والابتسام إلى ثغور الصّدور، ويرى أنهم يستوجبون فواضله ميراثا، وإذا سلّمت إليهم أعنّة الولايات كانت لهم تراثا، وإذا تبوّءوا الرّتب العلية كانت الرياسة لهم دارا والسّياسة أثاثا، لا سيّما الصدر الذي عرفته السعادة لدولة أمير المؤمنين واحدا يجمع فضل سلفه، وندبا ما عرضت عليه جواهر الدّنيا فضلا عن أعراضها إلّا ولّاها عطف نزاهته وظلفه، وألمعيّا تتناثر معاني المعالي من شمائله كما تنتثر من غصن القلم ثمار أحرفه، وكفؤا للصّدور من أنهضه بها بنصّ تكلّفه أنهضه بها فضل كلفه، وقوّاما بالأمور يمضي عليها مضاء النّجم في بحر حندسه لا السّهم في نحر هدفه، وملّاكا للثّغور إذا حلّ منها في إسكندريتها فهو على الحقيقة نجم حلّ برج شرفه، وطودا للوقار يعتزي الحلم منه إلى أقومه لا إلى أحنفه، وشرطا للاختيار، يكتفي مصطفيه منّة معرّفه ومؤونة معنّفه، ومعنى للفخار، لم ينتصف فيه من لسان واصفه مسمع مستوصفه، وعلما للأنظار، يبدو لهم منار إشراقه ويخفى عليهم منال شرفه.

ولمّا كنت أيّها الأمير واسطة عقد هذه الأوصاف الحسنى، ومنجد ألفاظها من الحقيقة بالمعنى الأسنى، المتوحّد من الرياسة باسم لا يجمع بعده ولا يثنّى،

<<  <  ج: ص:  >  >>