غوائل المخادعة، عن مواقف المماصعة «١» ؛ وقد قال إمام الحرب، وزعيم الطّعن والضّرب:«الحرب خدعة»«٢» . وإذا عزمت على المصاع والمنافحة، والإيقاع والمكافحة، فبثّ من سرعان الفرسان الذين لا تشكّ في محض نصحهم، ولا ترتاب بصدق نيّاتهم، طلائع تطلعك على الأخبار، وعيونا تكشف لك حقائق الآثار، وتغضّ الطّرف عن مجاوري الديار، ومر من تقدّمه عليهم بأن لا يقتحم خطرا، ولا يركب غررا، وليكن من تنفذه في ذلك [من]«٣» أهل الخبرة بالطّرق والساحات، والدخلات والأودية والفجوات، حتى لا يتمّ للعدوّ فيهم حيلة، ولا ينالهم منه غيلة؛ فإذا أتوك بالخبر اليقين، وأقبسوك قبس النّور المبين، بدأت الحرب مستخيرا لله تعالى، مقدّما أمامك الاستنجاح به، واستنزال النصر من عنده، مرتّبا للكتائب، معبيا للصّفوف والمقانب «٤» ، زاحفا بالراجل محصّنا بالفارس والرامي مجتنّا بالتارس، واشحن القلب والجناحين بالشّجعان المستبقين، والأبطال الحلاسين «٥» ، وأنزل إلى رحى الحرب من خفّ ركابه من الأنجاد الراغبين في علوّ الصّيت والذكر، الطالبين الفوز بالثواب والأجر، واجعل وراءهم ردءا، وأعدّلهم مددا يوازرونهم إن يجئهم ما لا يطيقونه ويحين «٦» ، ويطايرونهم على ما خلص إليهم وادعين، وقف من التأخير والإقدام، والنّفود والإحجام، موقفا تعطي الحزامة فيه حظّها، والرويّة قسطها، مصمّما ما كان «٧» التصميم أدنى لانتهاز الفرصة، واهتبال الغرّة، متلوّما ما كان «٨» التلوم أحمد للعاقبة، وأسلم للمغبّة.