للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما عمّ صلاحه عموم الهواء، ويفاوض حضرته فيما يستخلص الضمائر بما يرفع فيه من صالح الدعاء.

ولمّا انتهى إلى أمير المؤمنين ميزة ثغر الإسكندرية- حماه الله تعالى- على غيره من الثّغور، فإنه خليق بعناية تامة لا تزال تنجد عنده وتغور: لأنه من أوقى الحصون والمعاقل، والحديث عن فضله وخطير محلّه لا تهمة فيه للراوي والناقل، وهو يشتمل على القرّاء والفقهاء، والمرابطين والصّلحاء، وأن طالبي العلم من أهله ومن الواردين إليه، والطارئين عليه، متشتّتو الشّمل، متفرّقو الجمع- أبى أمير المؤمنين أن يكونوا حائرين متلدّدين «١» ، ولم يرض لهم أن يبقوا مذبذبين متبدّدين؛ وخرجت أوامره بإنشاء المدرسة الحافظيّة بهذا الثغر المحروس بشارع المحجّة منّا عليهم وإنعاما، ومستقرّا لهم ومقاما، ومثوى لجميعهم ووطنا، ومحلّا لكافّتهم وسكنا؛ فجدّد السيد الأجل الأفضل أدام الله قدرته الرغبة إلى أمير المؤمنين في أن يكون ما ينصرف إلى مؤونة كل منهم والقيام بأوده، وإعانته على ما هو بسبيله وبصدده: من عين وغلة، مطلقا من ديوانه، واسترفد أمير المؤمنين المثوبة في ذلك فأجابه جريا على عادة إحسانه، واستقرّت التقدمة في هذه المدرسة لك أيها الفقيه الرشيد جمال الفقهاء أبو الطاهر: لنفاذك واطلاعك، وقوّتك في الفقه واستضلاعك، ولأنك الصدر في علوم الشريعة، والحالّ منها في المنزلة الرفيعة، والمشتغل الذي اجتمع له الأصول والفروع، ومن إذا اختلف في المسائل والنوازل كان إليه فيها الرّجوع؛ هذا مع ما أنت عليه من الورع والتّقى، وأنّ مجاريك لا يكون إلا ناكصا على عقبه مخفقا؛ وأمر أمير المؤمنين أن تدرّس علوم الشريعة للراغبين، وتعلّم ما علّمك الله إيّاه لمن يريد ذلك من المؤثرين والطالبين؛ وخرج أمره بكتب هذا المنشور بذلك شدّا لأزرك، وتقوية لأمرك ورفعا لذكرك؛ فأخلص في طاعة الله سرّا وجهرا، فإنه تعالى يقول في كتابه: وَمَنْ يَتَّقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>