مشروعه، وراية سعيدة في مظاهرة متبوعه، وعقد له الولاية الجهاديّة التي لا تعدل بولاية، ولا توازن عناية المعتمد بها بعناية، يشهد بصراحة نسبها الدين، وتتحلّى بحلى غرّتها الميادين. فالجهاد في سبيل الله نحلة نبي الأمّة، ومن بعده من الأيمّة، لا سيّما في هذا القطر المتأكّد فيه ذلك لأولي الدّين والهمّة.
فليتولّ ذلك تولّي مثله وإن قلّ وجود مثله، جاريا على سنن مجده وفضله، سائرا من رضا الله على أوضح سبله، معتمدا عليه في الأمر كلّه.
وليعلم أن الذي يخلق ما يشاء ويختار قد هيّأ له من أمره رشدا، وسلك به طريقا سددا «١» ، واستعمله اليوم فيما يحظيه غدا، وجعل حظّه الذي عوّضه نورا وهدى، وأبعد له في الصالحات مدى- ولينظر فيما لديه من القبائل الموفورة، والجموع المؤيّدة المنصورة، نظرا يزيح العلل، ويبلّغ الأمل، ويرعى الهمل «٢» ، ويحسن القول وينجح العمل، منبّها على أهل الغناء والاستحقاق، مستدرّا للعوائد والأرزاق، معرّفا بالغرباء الواردين من الآفاق، مطبقا منهم للطباق، متغمّدا للهفوات بحسن الأخلاق، مستجيدا للأسلحة والكراع «٣» ، مبادرا هيعات «٤» الصّريخ بالإسراع، مسترعيا للمشورة التي يقع الحكم فيها عن حصول الإجماع، رفيقا بمن ضعف عن طول الباع، محتاطا على الإسلام في مواقف الدّفاع، مقدما عند اتّجاه الأطماع، صابرا في المضايق على القراع، متقدّما للأبطال بالاصطناع، مقابلا نصائح أولي الخبرة بحسن الاستماع، مستعملا في الحروب ما أجازه الشرع من وجوه الخداع حتّى يكون عمله وفق شهرته البعيدة المطار، وسيرته فيما أسند إليه مثلا في الأقطار، واستقامة التدبير على يديه ذريعة إلى إرغام أنوف الكفّار، بقوّة الله وحوله وعزّته وطوله.