للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلّ ما تضمّنه تقليد غيرك من الوصايا التي قرعت له عصاها، ونبذت له حصاها «١» ، فأنت مستغن عن استماعها، مكتف باطّلاع فكرك عن اطّلاعها؛ غير أنّا نسألك كما سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معاذا «٢» ، ونسأل الله أن يجعل لك من أمرك يسرا ومن عزمك نفاذا، وقد أجابنا لسان حالك بأنك تأخذ بتقوى الله التي ضمن لها العاقبة، وجعل شيعتها الغالبة، وأنك تجعلها بينك وبينه سببا ممدودا، وبينك وبين الناس خلقا معهودا، حتّى تصبح وقد أمنت من دهرك عثارا، ومن أبنائه أسماعا وأبصارا- ومن شرائطها أن يكون الرجل المسلم الذي سلم الناس من يده ولسانه، وفي هذين كفاية عن غيرهما من الشّيم، التي تحفظ بها سياسات الأمم: فإنّ العدل هو الميزان الذي جعله الله ثاني الكتاب، والإحسان الذي هو الطينة التي شاركتها القلوب في جبلّتها مشاركة الأحباب.

وأمّا ما سوى ذلك من سياسة الملك في تقرير أصوله، وتدبير محصوله:

كالبلاد واستعمارها، والأموال واستثمارها، وولاة الأعمال واختبارها، وتجنيد الجنود واختيارها، فكلّ ذلك لا يصدر تدبيره إلا عن نظرك، ولا يمشى فيه إلا على أثرك؛ وأنت فيه الفقيه ابن الفقيه الذي سرى إليك علمه نفسا ودرسا، وثمرة وغرسا؛ فهذا كتاب عهدنا إليك: فخذه بقوّة الأمانة التي أبت السموات والأرض حملها، وما أطاقت ثقلها، والله يسلك بك سددا، ويتحرّى بك رشدا، ويلزمك التوفيق قلبا ولسانا ويدا، إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>