أجدر الأعمال بكلاءة الفروع من أوضاعها والأصول، والباب الذي لا يجب أن يدخله إلّا من أذن له في القدوم إليها والوصول، ويتعيّن التحرّز على الطّرقات التي منها إليها الإفضاء، ويوكّل بما دونها من المياه عيون حفظة لا يلزمها النوم والإغضاء،- وكنت أيّها الأمير أشدّ الأمراء باسا، وأوفاهم لحسن الذكر الجميل لباسا، وأكثرهم لمهج الأعداء اختلاسا، وأجمعهم للمحاسن المختلفة ضروبا وأجناسا، وقد تناصرت على قصودك الحسنة واضحات الدلائل، وتحلّت أجياد خلالك من جواهر المفاخر بقلائد غير قلائل، واستطار لك أجمل سمعة، وفطمت سيوفك أبناء الكفر عن ارتضاعها من الملّة الإسلامية ثدي طمعة، ولا استبهمت طرق السياسة إلا هديت إلى مجاهلها، ولا حلّأ «١» التقصير سواك عن شرائع النّعم إلا غدوت بكفايتك وارد مناهلها، وكم شهدت مقام جلاد، وموقف جهاد، فمزّقت ثوب ما رقّقه نسجا، وأدلت في ليل قسطله عوادي صوارمك شرجا، وقمت فيما وكل إليك من أمور الفاقوسيّة وقلعتي صدر وأيلة «٢» حرسهما الله تعالى قياما أحظاك بالثناء والصواب، واستنبت في كلّ منها من أجرى أمورها على الصواب- خرج أمر الملك الناصر بكتب هذا السجلّ بتقليدك ولاية الأعمال الشرقية المقدّم ذكرها؛ فاعتمد مباشرتها عاملا بتقوى الله التي مغنمها خير ما اقتاده مستشعروها لأنفسهم واستاقوه. قال الله تعالى: وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ
«٣» ، وأبسط العدل على أهل هذه الولاية، واخصص أهل السّلامة بما يسبل عليهم ستر الحياطة والحماية، وتطلّب المفسدين أتمّ تطلّب، واحظر عليهم التّنقّل، في هذه البلاد والتقلّب؛ ومن