ثوب الإخلاص والصّفاء، ومتّشحا بوشاح العفّة والولاء- اختصصناه بزيادة التقديم والاجتباء، وحبوناه بوفور الكرامة والاصطفاء، وأجريناه على مستمرّ رسمه بالرّعاية على ذرّيّة أهل العباء «١» ، حسب عادته المستقرّة إلى آخر عهد من كانت الإيالة إليه وإلى رحمة الله مضى: ليسير فيهم بكتاب الله العظيم وسنّة رسوله، ويسلك جدد الحق الذي يوصّله من الزّلفى إلى أقصى مناه وسوله، ويحضّهم على تلاوة القرآن، ومعرفة ما يصلح للأديان. وليسوّ في الحكم بين الضعيف فيهم والقويّ، ويعمّ بالإنصاف الفقير والغنيّ، وليحسن إلى محسنهم، وليجر على فضله لمسيئهم، بعد أن يقدّم إليه زجرا ووعيدا، ويوسعه إنذارا وتهديدا، فإن وعى وارعوى وإلا سلّط عليه أسباب الأذى، وتولّاه بما يستحقّه من الجزا، ويعيده إلى حالة الاستقامة والاستواء، ويكفّه عن دواعي الهوى.
ومن وجب عليه حدّ أقامه فيه، وبادر إلى اعتماده وتوخّيه، حسب ما يوجبه حكم الشرع ويقتضيه.
وليكن رؤوفا بهم ما استقاموا، ومنتقما منهم ما اعوجّوا ومالوا؛ وإن وجب على أحدهم حقّ لمليّ أو دنيّ، استخلصه منه ولم يمنعه تعلّقه بنسب شريف عليّ، وإن افترى منهم مفتر على أحد من الملل، قابله عليه بما يزجره عن قبيح العمل: فإنّ الناس في دار الإسلام ومن هو تحت الذّمام سواسية، وأقربهم إلى الله تعالى من كانت سيرته في الإسلام رضيّة، وطويّته في الإيمان خالصة نقيّة، ومن حكم عليه حاكم من الحكّام، بحقّ ثبت عنده بالبيّنة العادلة أو الإعلام، انتزعه منه أو سجنه عليه، إلى أن يرضي خصمه أو يردّ أمره إلى الحاكم ويفوّضه إليه.
وليحرس أنسابهم بإثبات أصولها، وتحقيق فروعها، ومن رام دخولا فيه بدعوى يبطل فيها نقّب عن كشف حاله، وإظهار محاله، وجازاه بما يستحقّه أمثاله، ويرتدع فيما بعد مثاله: ليخلص هذا النسب الكريم، من دعوى