فليتقلّد ما قلّده إيّاه، ويباشره منشرحا صدره متهلّلا محيّاه، وليعتمد على تقوى الله التي هي خير عتاد، وأفضل ما اعتمد عليه في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد؛ وهي نجاة أهل اليقين، وفوز المتقين، قال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
«١» وليبالغ في نشر راية العدل ومدّ جناحه، وتعفية أذى الجور واجتياحه، وليشمل الصغير والكبير من أهل هذه الولاية برداء النّصفة، ويعاملهم بالجميل الموفي على الصّفة، ويقم الحدود على مستوجبيها، وينته إلى الغاية في تجنّب إضاعتها وتوقّيها، وليدلّ على المفسدين عين من يتتّبع وقوعهم في قبضته ويتطلّب، ويقابل كلّا منهم بما يرى متعقّبا بإيماض برق المعاقبة غير خلّب «٢» ، ولا يبق ممكنا في التنقيب على مرتكبي الآثام، والمرتكنين على سفك الدم الحرام؛ ومن ظفر به منهم فليحكّم فيه شبا «٣» ظفر الانتقام ونابه، وليجر على عادته فيما يسيّر عنه أحسن السّمعة، ويشهد له بالتنزّه عن خبيث الطّعمة وقبيح الطّمعة، ويشدّ من القاضي متولّي الحكم فيما يصدره ويورده، ويحلّه ويعقده، ويمضيه من الأحكام الشرعية، ويعتمده في القضايا بما لديه من الألمعيّة، ويعاضد المستخدمين في الأموال معاضدة تثمّره، وتنمّي الارتفاع وتوفّره، وتعود على الديوان بالحظّ الوافي، وتعرب عن كونه بمثل هذه الولاية نعم الكفء الكافي، ويعامل التّجار على تباين بلدانهم، واختلاف ألسنتهم وألوانهم، معاملة يجمل أثرها ويحسن، ويتلقّهم ببشر وطلاقة تنطق بشكر استبشارهم بها الألسن،