وأعملنا الفكر فيما يستقيم به أمرها ويزول معه بوسها، فيقف [بنا] الاجتهاد في ذلك على محجّة الصواب التي لا ضلال في سلوكها، ويفضي منا الحرص إلى غاية لم يبلغها أحد من مدبّري الدول وملوكها، فننتخب لخطير الخدم من كان قؤوما بها مستقلّا بآصارها، وننتجب لجليل الرّتب الأعيان من أمراء دولتنا وأنصارها، حفظا لما استحفظناه من أمور العباد والبلاد، ورفعا لعماد الصّلاح وحسما لموادّ الفساد.
ولمّا كنت أيها الأمير من الأولياء الذين صفت في المخالصة ضمائرهم، وحسنت في الطاعة عقائدهم وسرائرهم، ونالوا من نبيه الحظّ ما أطنب الواصف فيما يذكره منه ويرويه، وأحمدوا المناصحة فيما رقوا فيه من درج التنويه، وقد استكفيت مهمّات من الخدم فكفيت همّها وخفّفت ثقلها، وأهّلت لولايات سنيّة فحملت كلّها، وكنت مستحقّا لها وأهلها؛ فلك مواتّ حميدة من حسن المقاصد ومشكور المساعي، وحرمات أكيدة ظلّت على اصطفائك من أوفى البواعث وأقوى الدّواعي؛ وكانت مدينة عسقلان- حماها الله تعالى- ثغر الإسلام الذي لا ثغر له في الشام سواه، والرّباط الذي من كان به فقد نال الثواب الجزيل وأحرزه وحواه، وهو في عيون الكفار- خذلهم الله- نكتة «١» وأسباب طمعهم فيه منقطعة بمحاماته منبتّة؛ ونحن نوفّر اهتمامنا عليه رعاية لمكانه المكين، وننتصي «٢» الكفاة لتولّيه توصّلا إلى النّكاية في المشركين؛ وهو معقل للمسلمين المجاهدين وردّ «٣» ، ومجاوروه قوم لدّ، وأمرهم أمر إدّ «٤» ؛ فيجب أن يرتاد لضبطه النّدب «٥» الذي لا تهتبل غرّته، ويسام لحفظه العضب «٦» الذي لا