إذا اشتبهت المسالك، محقّقا ما توسّمناه فيه من مخايل الأصالة، ودلائل الجزالة، مصدّقا ما استلمحناه من كفايته وغنائه، واستوضحناه من استقلاله واستقصائه، وأن يبدأ فيرتّب في كل معاملة أمينا من الثّقات الكفاة، مشهودا له بالنّهضة والأمانة المستوفاة، وأن يزمّ «١» الأعمال القاصية والدانية، والبلاد القريبة والنائية، بالضبط المستقصي، والحفظ المستوفي، وبمن يرتّبه عليها من الكتّاب الأمناء، ويستصلحه لها من الحفظة النّصحاء، ويتتبّع حال من بها من النّوّاب:
فمن شهدت له التجربة بالكفاية، ودلّ الاختبار منه على العفّة والأمانة، استدامه في خدمه المنوطة به، وطالع من حاله بما يقضي له حسن النظر بحسبه، ومن ألفاه متنكّبا سبيل الأمانة، مقارفا طريق العجز والخيانة، بادر إلى الاستبدال به، وعجّل قطع ما بينه من الخدمة وبين سببه، وأن يسترفع البواقي من الأموال، في سائر الجهات والأعمال، إلى آخر التاريخ الذي تليه مباشرته، ويتصل بآخره مبدأ نظره وفاتحته، موشّحة أوراق ذلك بخطوط الأمناء، مفصلة جهاته بأسماء المعاملين والضّمناء، حتّى إذا حملت إليه، وصارت حجّة على رافعها في يديه، طالبه بمواقفة من هو في ذمّته، وتقدّم بعد تصديقه على ذلك بمضايقته بعد المطالعة بجليّ الحال وحقيقته. ثم يسترفع من مستوفي الديوان وعمّاله شروط الضّمّان ورسومهم، وقواعدهم في الضمان وعوائدهم: ليكون علم ذلك عنده مبيّنا، ووقت مساس «٢» الحاجة إليه حاضرا، ويطالب بجرائد «٣» الضّياع خاصّها ومقطعها المشتملة على ذكر رسومها وحقوقها، وعدد فدنها ومقاسها، وجرائد الخراج اللازم لأرباب الأملاك على أملاكهم، وتحقيق المصفوح عنه والمسامح به والباقي على الأداء في جهته، وجرائد الجزية مفصّلة في نواحيها، وأسماء أربابها إلى حين رفعها- وأن يطالب نوّاب الجزية في كل شهر بختمة