للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالشّموس غروبا ولا زوالا، مع مهابة تخيف الأسد في أجماتها، ومعدلة تعين الغيوث على رفع محول البلاد ودفع أزماتها، وديانة زانها التّقى، وخبرة صانها الورع وهما أفضل ما به يرتقى.

وكانت الوزارة الشريفة نظام المملكة وقوامها، وذروة الدولة وسنامها، وتاج المراتب وإكليلها، وعتاد الخزائن الجامع دقيق المصالح الإسلامية وجليلها- اقتضت آراؤنا الشريفة أن تزيّن هذه الرتبة بجوهر فرنده، وأن يصدر منصبها عن مناقب لا تصدر إلا عن جهته ومفاخر لا ترد إلا من عنده، وأن يطلق في مصالحها قلمه، ويمضي في قواعدها إشاراته وكلمه، ويطلع في أفقها شمس تدبيره، ويعدق به ما يراه في أمورها من صغير الأمر وكبيره، وأن نجعل مسامع الأقاليم على سعتها إلى أوامره ونواهيه مصغية، وأن نصدّ بسمعته عمن بعد عوارض الإمهال الملهية ومواقع الإهمال المطغية.

فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زالت سحائب برّه مستهلّة، وركائب المحامد إلى حرم نعمه مهلّة- أن تفوّض إليه الوزارة الشريفة بالممالك الإسلامية على أكمل القواعد، وأجمل العوائد، تفويضا يعلي مرامه، ويمضي مضاء ألسنة الأسنة أقلامه، ويبسط في مصالح الأقاليم المحروسة يده ولسانه، ويلقي إليه من مهمّات كلّ قطر أزمّته ليصرّف على ما يراه من المصالح عنانه.

فليستقرّ في هذه الرّتبة السنية استقرار الدّرر في أسلاكها، والدّراريّ في أفلاكها، نافذ الأمر في مصالح شرقها وغربها، مطاع القول في بعد أماكنها منه وقربها، ناشرا كلمة العدل في أرجائها، محققا بالإحسان آمال أمم قصرت على كرمنا ممدود رجائها، معليا منار الشرع الشريف بمعاضدة حكّامه، والوقوف عند أوامره المطاعة وأحكامه، حافظا أقدار الرّتب بأكفائها، معتمدا على ذوي البيوت المحافظين على اتّباع سير أسلافهم واقتفائها، معوّلا على ذوي الخبرة التامة مع الدّيانة، مراعيا مع ظهور المعرفة جانب العفّة والنّزاهة والصّيانة، موكّلا بمصالح بيوت الأموال والخزائن المعمورة موادّ الأموال ومعينها، صارفا إلى عمارة البلاد

<<  <  ج: ص:  >  >>