ولما كان فلان هو المشار إليه بهذه الصّفات الحسنة، والمناقب التي تنوّعت في مدائحها الألسنة، وعرف بالجود فملك حبّه الأفئدة فارتفعت الأصوات بالدعاء له معلنة، طالما أنال النّعم، وأزال النّقم، وجبر القلوب وكشف الكروب، وجلا ظلام الخطوب، ونشر المعروف، وأغاث الملهوف، وأنقذ من المهالك، وعمر بتدبيره الممالك، ووصل الأرزاق، وأجرى الأطلاق على الإطلاق- اقتضت آراؤنا الشريفة أن نعتمد في جميع الأشياء عليه، ونلقي مقاليد الأمور إليه، وننوط به المهمّات وغيرها: ليكون العلم بالكلّيات والجزئيّات لديه.
فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زال يتحف بالمزيد من كرمه، ويسبغ جلابيب نعمه، ويجري بحر فضله الواسع، ويعمّ بنظره المقرّبين من أوليائه كلّ جامع للخير جامع، أن يستقرّ...... «١» ...
فليتلقّ هذا التفويض الجليل بقبوله، ويبلّغ الجامع المذكور ما يرتقبه من عمارته التي هي غاية مأموله. ومنه تؤخذ الوصايا لأنه لساننا الناطق، وسفير مملكتنا العالم بالحقائق والدّقائق، فلا يحتاج أن يوصى ولا أن نفتح معه في الوصية بابا، وما يصلح أن يقال لغيره لا يجوز أن يكون له خطابا:
ومثلك لا يدلّ على صواب ... وأنت تعلّم الناس الصّوابا!
والله تعالى يؤيده في القول والعمل، ويعمّ بوجوده وجوده الوجود وقد فعل، ويبقيه مدى الدهر، ويستخدم لسعوده الساعة واليوم والجمعة والشّهر، ويجعل بابه الطاهر مفتوحا للقاصدين على الدّوام، ويقيمه واسطة عقد الملك