يجب عليهم أن يتعلّموه من خدمة الملوك، ولا يسمح لأحد منهم في أمر يفضي إلى إخلال، ولا يقتضي فرط إدلال، وليقم أودهم بالأدب فإن الأدب ما فيه إذلال؛ وكلّ هؤلاء الطوائف ممن يتجنّب العامة مخالطتهم لما طار في أيّام من تقدّم عن أمثالهم من سوء السّمعة، ويتخوّف منهم السّرعة؛ فليكن لهم منك أعظم زاجر، ومن شكي إليك منهم فسارع إلى التنكيل به وبادر، واشهر من فعلك بهم ما يوجب منهم الطّمأنينة، ولا يعود أحد بعده يكذّب يقينه؛ وأمراء أخورية الذين هم أتباعك، وبهم يمتدّ باعك، هم بحسب ما تجعلهم بصدده، وما منهم إلا من يقدر أن يتعدّى حدّه في مقام قدمه وبسط يده؛ فاجعل لكلّ منهم مقاما معلوما، وشيئا تجعل له فيه تحكيما. وتثمين الخيول المشتراة والتّقادم قوّمها بأهل الخبرة تقويم عدل، وقل الحقّ ولا يأخذك فيه لوم ولا عذل؛ وما يصرف من العليق برسم الخيول السلطانية ومن له من صدقاتنا الشريفة عليق، مر بصرفه عند الاستحقاق واضبطه بالتعليق، وتصرّف في ذلك كلّه ولا تتصرّف إلا تصرّف شفيق، وصنه بأقلام جماعة الدّيوان ولا تقنع في غير أوقات الضرورة برفيق عن رفيق؛ وكذلك البراسيم السلطانية أصلا وزيادة، ولا تصرف إلا ما نأمر به وإلا فلا تخرج فيه عن العادة؛ ونزلاؤك من أمراء العربان عاملهم بالجميل، وزد في أخذ خواطرهم ولو ببسط بساط الأنس لهم فما هو قليل، لتتضاعف رغبتهم في كلّ عام، وليستدلّوا ببشاشة وجهك لهم على ما بعده من الإنعام؛ وبغال الكؤوسات «١» السعيدة والأعلام المنصورة، وأثقال الخزانة العالية المعمورة، اجعلها من المهمّات المقدّمة، والمقدّمات لنتائج أيام النصر المعلمة، ورتّبها في مواقفها، وأتمّها أتمّ ما يكون من وظائفها؛ فبها تثبت مواقف العسكر المنصور، وإليها يأوي كلّ مستظلّ ورحى الحرب تدور، وغير ذلك من قماش الإصطبلات السعيدة من الذّهب والفضّة والحرير، وكلّ قليل