صباح؟ ولعمري! لئن كان كرم العهد كتابا يرد وجوابا يصدر إنه لقريب المنال، وإني على توبيخه لي لفقير إلى لقائه، شفيق على بقائه، منتسب إلى ولائه، شاكر لآلائه» .
والغاية القصوى في ذلك ما كتب به ذو الوزارتين «أبو الوليد بن زيدون» رحمه الله على لسان محبوبته ولّادة بنت محمد بن عبد الرحمن الناصر إلى إنسان استمالها عنه إلى نفسه وهي:
أما بعد أيها المصاب بعقله، المورّط بجهله، البيّن سقطه، الفاحش غلطه، العاثر في ذيل اغتراره، الأعمى عن شمس نهاره، الساقط سقوط الذّباب على الشراب، المتهافت تهافت الفراش في الشّهاب، فإن العجب أكذب، ومعرفة المرء نفسه أصوب؛ وإنك راسلتني مستهديا من صلتي ما صفرت منه أيدي أمثالك، متصدّيا من خلّتي لما قدعت فيه أنوف أشكالك، مرسلا خليلتك مرتادة، مستعملا عشيقتك قوّادة، كاذبا نفسك في أنك ستنزل عنها إليّ، وتخلف بعدها عليّ:
ولست بأوّل ذي همّة ... دعته لما ليس بالنائل!
ولا شكّ أنها قلتك إذ لم تضنّ بك. وملّتك إذ لم تغر عليك، فإنها أعذرت في السّفارة لك، وما قصّرت في النيابة عنك، زاعمة أن المروءة لفظ أنت معناه، والإنسانية اسم أنت جسمه وهيولاه، قاطعة أنك انفردت بالجمال، واستأثرت بالكمال واستعليت في مراتب الخلال، حتّى خيّلت أنّ يوسف عليه السّلام حاسنك فغضضت منه، وأن امرأة العزيز رأتك فسلت عنه وأن قارون أصاب بعض ما كنزت، والنّطف «١» عثر على فضل ما