النّجاة والنّجاح شارة إذا تحلّى بها ذو التمييز كان أحسن ذوي المراتب حالا، وأجلّهم في الدارين مبدأ ومالا، وأحقّهم برتبة التفضيل التي ضربت لها السنّة المطهّرة فضل البدر على الكواكب مثالا.
نحمده على نعمه التي خصّت دار عدلنا الشريف من العلماء بأكفائها، واصطفت لما قرب من مجلسنا المعظّم من دلّ على أن التأييد قرين اصطفائها.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يفترّ عن شنب الصواب، ثغرها، ويتفتّح عن فصل الخطاب، زهرها؛ ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله المخصوص بمحكم التنزيل، المنصوص في الصّحف المنزّلة على ذكر أمّته الذين علماؤهم كأنبياء بني إسرائيل، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين هم كالنّجوم المشرقة، من اقتدى بهم أهتدى، وكالرّجوم المحرقة، من اعتدى وجد منها شهابا رصدا؛ وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ أولى ما ارتدنا له من رياض العلم من سما فيه فرعه، ورحب بتلقّي أنواع العلوم ذرعه، وبسقت في فنون الفضائل أفنانه، ونسقت فرائد الفوائد في سلك الطّروس بنانه- فتيا دار عدلنا الشريف التي أحكامنا لها تابعة، وأغصان العدل بثمار فتاويها مورقة يانعة، وأعيننا إلى أفواه مفتيها رامقة وآذاننا لمقالاتهم سامعة.
ولما كان فلان هو ثمرة هذا الارتياد، ونخبة هذا الانتقاد، المعقود عليه في اختيار العلماء بالخناصر، والعريق في أصالة العلوم بأصالة ثابتة الأواصر، والذي إذا أجاب تدفّقت أنواء الفوائد، وتألّقت أضواء الفرائد، واتّخذت مسائل فقهه قواعد تترتّب الأحكام الشرعية عليها ومصادر وحيه موارد- اقتضت آراؤنا الشريفة أن نزيّن بهجة هذه الوظيفة بجماله، وننزّه إشراقها بنور فضائله التي لو قابلها بدر الأفق نازعته حلّة كماله.
فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا زالت أحكامه مع أوامر الشرع الشريف واقفة، ومعدلته الشريفة باقتفاء آثار الحق لمشتكيات الظّلم كاشفة- أن يفوّض إليه