وبالله مذكّرة، وعلى الباقيات الصالحات من الأعمال موفّرة، مع ما أضافه إلى ذلك من أمر بمعروف، وإغاثة ملهوف، ونهي عن منكر، واحتساب في الحق أتى فيه بكلّ ما تحمد خلائقه وتشكر، واجتناب لأعراض الدنيا الدّنيّة، واجتهاد لما يرضي الله ويرضينا من اتّباع سيرتنا السّريّة، وشدّة في الحق حتّى يقال به ويقام، ورفق بالخلق إلا في بدع تنتهك بها حرمة الإسلام، أو غشّ إن لم يخصّ ضرره الخاصّ فإنّ ذلك يعمّ العام.
ولمّا كان فلان هو الذي اختصّ من خدمتنا، بما رفعه لدينا، وأسلف من طاعتنا، ما اقتضى تقريبه منّا واستدعاءه إلينا، ونهض فيما عدقناه به من مصالح الرعايا وكان مشكور المساعي في كل ما عرض من أعماله في ذلك علينا- اقتضى رأينا الشريف أن يفوّض إليه كذا، فليستقرّ في ذلك مجتهدا في كلّ ما يعمّ البرايا نفعه، ويجمل لديهم وقعه، ويمنع من يتعرّض باليسار، إلى ما لهم بغير حقّ، أو يضيّق بالاحتكار، على ضعفائهم ما بسط الله لهم من رزق، ويذبّ عنهم بإقامة الحدود شبه تعطيلها، ويعرّفهم بالمحافظة على الحق في المعاملات قواعد تحريمها وتحليلها، ويريهم بالإنصاف نار القسطاس المستقيم لعلهم يبصرون، ويؤدّب من يجد فيهم من المطفّفين: الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ
«١» ويأمر أهل الأسواق بإقامة الجماعات والجمع، ويقابل من تخلّف عن ذلك بالتأديب الذي يردع من أصرّ فيه على المخالفة ويزع، ويلزم ذوي الهيئات بالصّيانة التي تناسب مناصبهم، وتوافق مراتبهم، وتنزّه عن الأدناس مكاسبهم، وتصون عن الشوائب شاهدهم وغائبهم، ولا يمكّن ذوي البيوع أن يغبنوا ضعفاء الرعايا وأغبياءهم، ولا يفسّح لهم أن يرفعوا على الحق أسعارهم ويبخسوا الناس أشياءهم.
وليحمل كلّا منهم على المعاملات الصحيحة، والعقود التي غدت لها الشريعة الشريفة مبيحة، ويجنّبهم العقود الفاسدة، والحيل التي تغرّ بتدليس