للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلافها بدأ وإعادة وعكسا وطردا، ويكون المتصدّي لهما مناقشا على حقوقهم وهم ساهون، ومفتّشا عن مصالحهم وهم عنها لاهون، ومناضلا عنهم وهم غافلون، ومشمّرا للسعي في مصالحهم وهم في حبر الدّعة رافلون، ومتكلّفا لاستماع الدّعوى عنهم جوب فلوات الجواب، ومتكفّلا بالتحرّي في المحاورة عنهم وإصابة شاكلة الصّواب، ومؤدّيا في نصحهم جهده تقرّبا إلى مراضينا وله عندنا الرّضا وابتغاء ثواب الله: وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ

«١» وهما وكالة بيت المال المعمور والحسبة الشريفة بالقاهرة المحروسة: فإنّ منافع وكالة بيت مال المسلمين عائدة عليهم، آئلة بأحكام الشريعة المطهّرة إليهم، راجعة إلى ما يعمّهم مسارّه، معدّة لما تدفع به عنهم من حيث لا يشعرون مضارّه، صائنة حقوقهم من تعدّي الأيدي الغاصبة، حافظة بيوت أموالهم من اعتراض الآمال العاملة الناصبة: وكذلك نظر الحسبة: فإنه من أخصّ مصالح الخلق وأعمّها، وآكد الوظائف العامّة وأكملها استقصائيّة للمصالح الدينيّة والدّنيويّة وأتمّها، يحفظ على ذوي الهيئات أقدارهم، ويبيّن بتجنّب الهنات في الصّدر مقدارهم، ويصون بتوقّي الشّبهات إيرادهم وإصدارهم، وينزّه معاملاتهم عن فساد يعارضها أو شبه تنافي كمال الصحة وتناقضها، ويحفظ أقواتهم من غشّ متلف، أو غلوّ مجحف، إلى غير ذلك من أدوية لا بدّ من الوقوف على صحة ترتيبها وتركيبها، وتتبّع الأقوال التي تجري بها الثّقة إلى غاية تجريبها؛ ولذلك لا تجمعان إلا لمن أوقفه علمه على جادّة العمل، واقتصر به ورعه على مادّة الحق فليس له في التعرض إلى غيره أمل، وسمت به أوصافه إلى معالم الأمور فوجد التّقى أفضل ما يرتقى، وعرضت عليه أدواته جوهر الذخائر فوجد العمل الصالح أكمل ما ينتقد منها وما ينتقى، وتحلّى بالأمانة، فصارت له خلقا وسجيّة، وأنس بالنّزاهة، فكانت له في سائر الأحوال للنّجاة نجيّة، وأرته فضائله الحقّ حيث هو فتمسّك بأسبابه وتشبّث بأهدابه، واتّصف به في سائر أحواله؛ فإن أخذ أخذ بحكمه وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>