عارفة؛ وليصرف إليهم من وجوه فضائله كلّ عارفة، وليكشف لهم ما أشكل عليهم من غوامضه فليس لها من دون إيضاحه كاشفة، لينشر في هذا المكان المبارك من أرباب هذه العلوم قوم بعد قوم، ويظهر منهم في الغد- إن شاء الله- أضعاف ما هو ظاهر منهم اليوم؛ وليقال لكلّ من طلبته إذا شرع في إجازته وتزكيته: لقد أحسن شيخه الذي عليه تأدّب، وإنّ من خرّج هذا «المهذّب» ، عاملا في ذلك بشروط الواقف أعزّ الله نصره، واقفا عند أمره أمضى الله أمره؛ والخير يكون، إن شاء الله تعالى «١» وهذه نسخة توقيع بنظر الأحباس مفتتحة ب «أما بعد» وهي:
أما بعد حمد الله الذي أذن أن ترفع بيوته ويذكر فيها اسمه، ويكثّر فيها قسم ثوابه ويجزل قسمه، والصلاة على سيدنا محمد الذي عظم به قطع دابر الكفر وكثر حسمه- فإنّ خير من عوّل عليه في تأسيس بيوت الله وعمارة ربوعها، ولمّ شعثها وشعب صدوعها، والقيام بوظائفها، وتسهيل لطائفها، وتأهيل نواحيها، لهبوط الملائكة لتلقّي المصلّين فيها، من كان ذا عزم لا تأخذه في الله لومة لائم، وحزم لا يلمّ بأفعاله لمم المآثم، ونظر ثاقب، ورغبة في اختيار جميل المآثر والمناقب، ومباشرة ترعى قوانين الأمور وتكتنفها اكتناف مراقب.
ولما كان فلان ممّن هذه الأوصاف شعاره، وإلى هذه الأمور بداره، وكم كتب الله به للدّولة أجر راكع وساجد، وكم شكرته وذكرته ألسنة أعلام الجوامع وأفواه محاريب المساجد- اقتضى منيف الملاحظة والمحافظة على كل قريب من بيوت الله وشاهد، أن خرج الأمر الشريف- لا برح يكشف الأوجال، ويدعو له في الغدوّ والآصال رجال- أن يفوّض لفلان نظر ديوان الأحباس والجوامع