ما تفتتح به مجالسه، وآكد ما يؤمر به محاضره من الأولياء ومجالسه، وأزكى ما يستجيد به لاستمثار الدعاء الصالح مغارسه، وأوثق ما يحوط به حمى الملك الذي إذا غفا جفن عينه كان حارسه، وأوّل ما ينبغي أن ينافس عليه حاضر دسته وغائبه، وأولى ما يعدّ على إهماله نكاله ويعدّ على إقامته رغائبه.
وليلاحظ من مصالح كلّ إقليم ما كأنّه ينظر إليه بعين قلبه، ويمثّل صورته في مرآة لبّه، فيقرّ كلّ أمر على ما يراه من سداده، ويقرّر حال كلّ ثغر على ما يحصل به المراد في سداده، فيغدو لأعذاره بموالاة الحمول إليه مزيحا، ويمسي بسدّ خلله لخواطر أهل الكفر متعبا ولخواطرنا الشريفة مريحا، وينظر في أحوال من به من الجند والرجال بما يؤكّد الطاعة عليهم، ويجدّد الاستطاعة لديهم، ويزيل أعذارهم واعتذارهم [بوصول حقوقهم إليهم، ويوفّرهم على إعداد الأهبة للأعداء]«١» إذا أتوهم من فورهم، ويكفّهم بإدار الأرزاق عليهم عن اعتدائهم على الرعايا وجورهم، ويتفقّد من أحوال مباشريها وولاة الحكم والتحكّم فيها ما يعلمون به أنه مناقشهم على الأمور اليسيرة، والهفوات التي يرونها قليلة وهي بالنسبة إلى كثرة الرّعايا كثيرة، ويتعاهد أمور الرتب الدينيّة فلا تؤخذ مناصبها بالمناسب، ولا تغدو أوقافها المعدّة لاكتساب العلوم في المكاسب، بل يتعين أن يرتاد لها العلماء الأعيان حيث حلّوا، ويقرّر في رتبها الأئمّة الأكفاء وإلا اتخذ الناس رؤوسا جهّالا فضلّوا وأضلّوا. ولتكن أقلامه على كلّ ما جرت به العوائد في ذلك محتوية، وأيامه على أكمل القواعد في ذلك وغيره منطوية، فما ثمّ شيء من قواعد الوزارة الشريفة خارج عن حكمه فليكتب يمتثل، وليقل في مصالح دولتنا القاهرة يكن قوله أمضى من الظّبا وأسرى من الصّبا وأسير من المثل؛ فلا تمضى في ذلك ولاية ولا عزل، ولا منع ولا بذل، ولا عقد ولا حلّ، إلا وهو معدوق بآرائه، متوقّف على تنفيذه وإمضائه، متلقّى