ملاحظة، وعلى المعهود من كرم شيمها محافظة، وللخدم مكافية، وللقسم موفية وبالنّعم موافية، وبمألوف الكرم ملافية، اتّباعا لسبيل الصّواب، وإيداعا للمنحة عند من لحقّه في استحقاقها إيجاب، فلمحلّه اقتران بالاقتراب، ولفعله إنجاز لوعود الصّعود وإنجاب، ولفيض الله تعالى عليه من القبول أبهى جلباب، وله سبق ولاء لملكنا بعد جفاء فيه السنين والأحقاب، وصدق ودّ ما ضاع لدينا ولا خاب، وقدم هجرة كم لها في تأييد الدّين انتصار وانتصاب، وتعدّد مناقب هي في الإشراق والرّفعة كالنّجوم وفي الكثرة عدد الرمل والحصى والتّراب؛ فما دعاه سلطاننا إلا استجاب، ولا استوعاه سرّه إلا غدا به يصان ولا يصاب، ولا استنطقنا قلمه إلا كفى الخطب بأملح خطاب، ولا استثرنا رأيه إلا حضر الرّشد وما غاب؛ فكم فرّق للأعداء من كتيبة بكتاب، وقرّب من ظفر والسيف في القراب؛ فبدعواته يستنزل من النّعماء أهمر سحاب، وببركاته جاء نصر الله والفتح وكان كيد الكافرين في تباب، وبأقلامه إنعامنا يهب وانتقامنا يهاب؛ فهي على الممالك أمنع سياج، ولها في مسالك الخير أبدع منهاج، وللدولة به وبولده استغناء وإليهما احتياج، فكم ضمّنا درر كلامهما الأدراج، وأطلعا زهر أقلامهما من المهارق في أبراج، وكم واصلت في ليل النّقس «١» السّرى والإدلاج، حتى أبدت صباح النجاح ذا ابتلاج، فلا عجب أن كان للنّعم إليهما معاد ومعاج، ولضيق الخطب عند باعهما الرّحب فسحة وانفراج.
ولما كان المجلس العاليّ المحيويّ هو أسرى من تلقى إليه الأسرار، وتبقى منه عند أحرى الأحرار، فكم لها صان أين صار، وكم لخواطرنا الشريفة من أفعاله سارّ حيث سار، وكم له من كرمنا دارّ في كل دار، فمنّا لقربه إيثار، ولأثنيتنا «٢» عليه إكبار، ولنا بفضائله إقرار، يوجب للنّعم عنده الإقرار- اقتضى