خصوصا من بادر إلى الإيمان فخصّ من السّبق بخصله «١» ، ومن أيّد به الدين وفرّ الشيطان من ظلّه، ومن جهّز جيش العسرة حتّى غزا العدا بخيله ورجله، ومن كان باب مدينة العلم ومانح جزله وفاتح قفله، وعن بقيّة المهاجرين والأنصار الذي ما منهم إلا من جاهد حتّى قام الدين بنصره ونصله، صلاة دائمة يجعلها اللسان أهمّ شغله، ويتلقّى قادمها من مواطن القبول بأكرم نزله، ما رمى قوس العزم بصائب نبله، وحمى حمى الملك بليثه وشبله، وفوّض أجلّ المناصب إلى فاضل العصر وأجلّه.
أما بعد، فإنّ آراءنا لا تزال للمصالح مراعية، ولا تبرح بالإسعاد إلى الأولياء ساعية، فتدعو إلى مقامها من وفّر على الإخلاص دواعيه، وتدني من ملكها من له بالخفايا أعظم بصيرة وفي جميل القضايا أجمل طواعية، وتلقي أسرارها إلى من له لسان حقّ ناطق وأذن خير واعية، وتقدّم من له قدم صدق ثابتة ويد بيضاء طولى في المهمّات عالية، لتغدو سهام أقلامه إلى الأغراض رامية، وصوائب أفكاره عن حمى الملك محامية، وتكون عبارته للمقاصد موفية وإشارته لموعد اليمن موافية، وتضحي ديم نعمنا الواكفة لسوابق خدمه مكافية، لما يتّصل بذلك من المصالح، وتناجي خواطرنا الشريفة به المناجح، ويقبل عليه وجه الإقبال، في كل حال، ويغدو إليه طرف الإجلال، وهو طامح، فنجمّل به ممالكنا مصرا وشاما، ونسدّد به مرمى ونصيب مراما، ونحفظ له ولأبيه في خدمتنا حقّا وذماما، ونكون له في الحالتين برّا وإكراما، ونعلي محلّه إعلانا بعلوّ مكانه وإعلاما، فيؤلّف للرياسة نظاما، ويضاعف للرّتبة إعظاما، ويعمل يراعا بل حساما، ويجلو وجه المنى طلقا ويبدو بعد البشر بسّاما، ويحسن بأعباء المهمّات قياما؛ وحيث نقلته أوطانه هضاب المجد وقّلته، وأين وجّهته أعلت قدره ونوّهته، وكلما أوفدته أفاضت عليه ملبس العزّ وجدّدته، واختصّته بالتصرف وأفردته،