للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاطره المنتقد، ف «عبد الحميد» ك «عبد الرحيم» في العجز عن لحاق علومه التي يجد «الراغب» «١» على نورها هدى، والأصمعيّ لو أدركه لتلا عليه: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً

«٢» «والطّغرائيّ» «٣» لو عاصره لزاد نظمه وازداد على نوره هدى، و «الحريريّ» لو رافقه لأمن في «مقاماته» من التجريح والرّدى؛ قد قصّرت عن غاية كماله جياد القرائح، وعجزت عن وصف صفاته جميع المدائح، وشرف منصبه بانتسابه إليه، ورفع قدره بمثوله لديه؛ مع ما تميّز به من نزاهة صرف بها عن الدنيا طرفه، وزهادة زانت بالسّعد صدره وملاءة ملأت بالعفّة كفّه؛ فهو واحد زمانه، وأوحد أوانه، والبحر الذي يحدّث عن فضله ولا حرج، والروض الذي ينقل عن فضله إلى الأسماع أطيب الأرج؛ وكان قد مال عن منصبه وهو يذكره، وفارقه وهو يشكره، ونادى غيره وبقوله يلبّي، وشغل بغيره وهو يقول حسبي «شهاب الدين» حسبي: فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي

«٤» فلما حصل له الاستئناس، وزال عنه القلق والالتباس، قال: ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ

«٥» - اقتضى حسن الرأي الشريف أن نخصّه باستقرار رتبته لديه، وأن نستمرّ به على وظيفته السنية استمرار السّعود المقبل عليه.

فرسم بالأمر الشريف- لا زال شهاب سعده لامعا، وسحاب كرمه هامعا، ومطاع أمره لمصالح الدّين والدنيا جامعا،- لمناقبه «٦» التي وفرت ميامنها،

<<  <  ج: ص:  >  >>