الإخلاص فغدت لكل خير حاوية ولكل يمن جامعة؛ مع كفاءة جاءت المناصب على قدر، ومعرفة ما لحظت المصالح بأقرب نظر إلا نمّت الأموال وبدرت البدر، وخبرة ما اعتبرت فيها محاسن سيرته في مباشرة إلا صغّر خبرها الخبر، ونزاهة سلكت به في كل ما يليه أحسن المسالك، وعفّة رفعته من الرتب الديوانية إلى غررها ولا رتبة للتّاج إلا ذلك.
ولما كان فلان هو الذي اجتنى من إحسان الدولة القاهرة بالطاعة أفضل الجنى، وفاز من عوارفها العميمة بجميل المخالصة ما زاد على المنى، وانتمى من أدوات نفسه إلى كمال المعرفة والعفّة وهما أفخر ما يدّخر للرتب الجليلة وأنفس ما يقتنى، وعني من أسباب استحقاقه المناصب والرتب بما اقتضى إحسان الدولة القاهرة أن يحتفل بتقديمه وأن يعتنى- فلذلك رسم بالأمر الشريف أن يفوّض إليه نظر الدواوين المعمورة ونظر الصّحبة الشريفة.
فليباشر ذلك محلّيا هذه الرتبة بعقود تصرّفه الجميل، ومجلّيا في هذه الحلبة بسبق معرفته التي لا تحتاج إلى دليل، ومبيّنا من نتائج قلمه ما يبرهن على أنه موضع الاختيار، ومن كوامن اطّلاعه ما لا يحتاج إلى برهان إلا إذا احتاج إليه النّهار؛ فلا يزال فرع يراعه في روض المصالح مثمرا، وليل نقسه في ليل الأعمال مقمرا، وحسن نظره إلى ما قرب ونأى من المصالح محدقا، ولسان قلمه لما دقّ وجلّ من أمور الأقاليم محقّقا، ورسم خطّه يستقرّ في الدواوين المعمورة مثبتا، ووسم تحريره لما يجتنى من غروس المصالح منبتا، ولدرّ أخلاف الأعمال بحسن الاطّلاع محتلبا، ولوجوه الأموال، بإنفاق التوجّه إلى تثميرها إن أقبلت مجتليا وإن أعرضت مختلبا، فإن الأمور معادن يستثيرها التصرف الجميل، ومنابت ينمّيها النظر الجليّ والإتقان الجليل؛ وملاك كلّ أمر تقوى الله تعالى فليجعلها إمامه، ويتخيّلها في كل وقت أمامه، والله تعالى يوفّقه بمنّه وكرمه، والخطّ الشريف أعلاه الله تعالى أعلاه.