الذاهبين، وأنزل في القصص لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
«١» نحمده وهو المحمود المعين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة قوم مخلصين، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين، ورسول ربّ العالمين، والشافع في المذنبين من المؤمنين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة باقية إلى يوم الدّين، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ العدل الشريف دار جدرانها الأمر المطاع، وأبوابها الخير الذي لا يضاع، وسقفها الرحمة والاتّضاع، وصدرها الإحسان المديد الباع، وصحنها الأمن والسّرور فلا يخاف أحد فيه ولا يراع، وجلساؤها الكاتبون عارضو الرّقاع؛ وهم معدن الصّدارة، وموطن الكتابة والكناية والإشارة، وأقلامهم تأتي بحسن التشبيه والاستعارة، وتطرّز حواشي الرّقاع بوشي بادي الإنارة؛ ما اختير أحدهم للجلوس في دسته إلا وقد أرضى من اختاره، وتميّز بحسن السّمت والوفاء والوقار والشّارة.
ولما كان فلان هو الذي له في السّؤدد أصل عريق، وفي الفضائل له قلم مطيق، وفي البلاغة له لسان منطيق، وإذا دبّج قرطاسه فهو للروض شقيق، ونباته الجوهر لا الآس والشّقيق، وأصبح للجلوس في الدّست الشريف أهلا على التحقيق.
فلذلك رسم أن يستقر [في كتابة الدست ... الخ]«٢» فليحلّ هذا الدّست الشريف مبهجا ببيانه، مثلجا للصّدور بعرفانه، متبلّجا بنور يده ولسانه، قارئا من قصص الناس وظلاماتهم في إيوانه كلّ شيء في أوانه، لا يكتم ظلامة مكتوبة في رقعة، بل يعرّف ملكه بها ويبلّغها سمعه، فإنه في هذا المحلّ أمين والأمين محلّ النّصح والخير والرّفعة؛ وإذا وقّع فهو مأمور، فليأت بما يبهج الصّدور،