المتعلّية ويقطع يقينها الشكوك المعترضة، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي عظمت عطايا بذله، فالبحار المرتفعة عنها منخفضة، وكرمت سجايا فضله، فليست بمنتقلة وأبرمت قضايا عدله، فليست بمنتقضة، وعمّت البرايا يده البيضاء التي هي بالأرزاق في الآفاق منبسطة وليست عن الإنفاق خشية الإملاق منقبضة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين ما منهم إلا من أقرض الله قرضا حسنا فضاعف له ما أقرضه، صلاة تدني لقائلها في الأولى من النّعمة والأمان أمله وتؤتيه في الأخرى من الرحمة والرضوان غرضه، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن أولى من رفع بإكرامنا إلى رتبة علائه، وانتفع من مقامنا الشريف باختصاص خدمته وإخلاص ولائه- من شفع مزاياه بجمع أشتات العلوم في أبكاره وآنائه، واستودع ذخائر ملكنا المصونة فكان حفيظا عليما عند اقترابه منّا وإدنائه، وصدع القلوب بإيداع وعظه وإبدائه، واتّبع سبيل والده القويم، في الشّدّة في الحق والتّصميم، وسلك طريقته التي هداه الله إليها بتوفيقه فأدرك غايته في ابتدائه، وقنع بما آتاه الله تعالى فآثرت مكارمنا رفعة محلّه وتوسعة حبائه، وبرع في إتقان الفضائل التي آذنت بإصطفائه واجتبائه، ووقع عليه اختيارنا الذي نستخير الله تعالى له في إبرام كلّ أمر وإمضائه، وأجمع عليه رأينا الذي كم أصاب الصواب في تعيين العلماء الأنجاب فنصّ عليه الاستحقاق بإيجاب الترجيح واقتضائه.
وكان المجلس السامي الشّرفيّ هو الذي قدّمناه بعد أبيه لشهادة خزائننا الشريفة فشاهدنا من حسن سيره ما أبهج، ونظمناه في سلك أولياء الملك فسلك من الخير أقوم منهج، ثم أردنا الآن أنّ هلاله ينتقل إلى رتبة الكمال لمّا تدرّب وتدرّج، وأعدنا له تامّ الإقبال حيث شرف دولتنا الأعلى- زاد الله تعالى تأييده- بذكره لدينا وبشكره عندنا يلهج- فاقتضى حسن الرأي الشريف أنّ هذا النظر