صلاة باقية لا تزال أغصان أجورها دانية القطوف زاكية الثّمار، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ أجلّ النّعم ما علت ملابسها، وأجمل المنن ما غلت نفائسها، وأكمل المنح ما زكت في رياض الإقبال غرائسها، وأجزل العطايا ما جلّيت في حلل الفخار عرائسها، وأولى الأولياء بتحويل ذلك لديه، وتخويل هذه المواهب إليه، وإسباغ أثواب الامتنان عليه، واجتبائه لرتب علت محلّا، واختياره لمنصب يصبح به جيده من عقود العناية محلّى- من شكرت أوصافه، واشتهر عفافه، وحسن منّا إسعاده وإسعافه، وحمدت خلاله ومآثره، وجاز فخر نعته وفخر ذاته فلا غرو أن تعدّدت مفاخره، وأسلفنا من خدمته ما استوجب أن يجني به ثمار الإحسان، وقدّم بين أيدينا الشريفة من يمن تصرّفه ما أنتج له مضاعفة الآلاء الحسان.
ولما كان فلان هو الذي تحلّى من هذه الأوصاف بعقودها، وتجلّى في مطارف برودها، وأثنت على خصاله ألسنة الأقلام، وأثبتت جميل خلاله في صحف أوراقها وصحائف الأيّام، وحاز من الأمانة والنّزاهة كلّ ما يشكر به على الدّوام، وامتاز بحسن الكتابة التي تقرّ النواظر وتسرّ الخواطر وتزري بالروض البسّام، ما باشر رتبة إلا وفى بها، وحفظ أموالها وغلالها وضبط أمورها وكفى بها- اقتضى رأينا الشريف أن ننقله إلى درجات السعادة، ونمنحه من إقبالنا الشريف زيادة الحسنى وحسن الزّيادة، ونخصّه بوظيفة تدنيه منّا قربا لنكون قد أجملنا له الابتداء والإعادة.
ولذلك رسم بالأمر الشريف- لا زال فخر أوليائه بمزيد آلائه ساميا، وقدر أصفيائه بمديد عطائه ناميا- أن يستقرّ في كذا.
فليتلقّ هذا الإحسان، بيد الاستحقاق، وليتقلّد عقود الامتنان، الذي طالما قلّد جوده الأعناق، وليباشر ذلك مباشرة يسرّ خبرها، ويسير خبرها، ويشنّف الأسماع تأثيرها وأثرها، وليسلك فيها من السّداد، ما يؤكّد حمده، ومن