ومن عرف به الله لمّا تفكّر في آلائه، صلاة يؤمّل دوامها من نعمائه، ويؤمّن عليها سكّان أرضه وسمائه، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن أولى ما استقام به [الشخص على]«١» الطريقة «٢» ، واستدام به الرجوع إلى الحقيقة، واستام به يطمئن إلى خالقه لا إلى الخليقة، وحفظ أفقه بنيّر تستضيء به النيّرات، ونوء تتقسّم به الغمائم الممطرات- طائفة أهل الصّلاح، ومن معهم من إخوان أهل الصفاء الصّوفيّة داعي الفلاح، ومن تضمّهم من الواردين إليهم إلى جناح، والصادرين عنهم بنجاح، ومن تفتح له فيهم أبواب السماء، وتمنح بنفسهم عامة الخلق ملابس النعماء، ومن يكشف بتهجّدهم جنح كلّ ظلام، ويكسف بتوجّههم عارضة كلّ بدر تمام، ويستشفى ببركاتهم من داء كل سقام، ويستسقى بدعائهم إذا قصّر النّيل وقصّ جناحه الغمام. وهم أولياء الله وأحبّاؤه، وبهم يتعلّل كل لبيب هم سقامه وهم أطبّاؤه؛ أنحلهم الحبّ حتّى عادوا كالأرواح، وأشغلهم الحبّ «٣» بصوت كلّ حمام شجاهم لمّا غنّى وبرّح بهم لمّا ناح، وأطربهم كلّ سمع فوجدوا بكل شيء شجنا، وعذّبهم الهوى فاستعذبوا أن لا يلائموا وسنا، ومثّل فرط الكلف لهم الأحباب «٤» فما رأوا لهم حالا إلا حسنا، وأثقل تكرار الذّكرى قلوبهم فما عدّوا غربة غربة ولا وطنا وطنا؛ قرّبت المحبة «٥» لهم في ذات الله كلّ متباعد، وألّفت أشتاتهم فاختلفت الأسماء والمعنى واحد.
والخانقاه الصلاحيّة بالقاهرة المحروسة المعروفة ب «سعيد السعداء» -