ويجمل الوثوق بمن تتجمّل المراتب الدينية منه بترقّيها- أن يفوّض إلى المشار إليه مشيخة الخانقاه السعيدة الناصرية بسرياقوس- قدّس الله روح واقفها- ومشيخة الشيوخ بالديار المصرية، والبلاد الشاميّة والحلبية، والفتوحات الساحليّة، وسائر الممالك الإسلاميّة المحروسة، على عادته في ذلك وقاعدته ومعلومه، وأن يكون ما يخصّ بيت المال المعمور من ميراث كلّ من يتوفّى من الصّوفية بالخانقاه المذكورة للمشار إليه، بحيث لا يكون لأمين الحكم ولا لديوان المواريث معه في ذلك حديث، وتكون أمور الخانقاه المذكورة فيما يتعلّق بالمشيخة وأحوال الصوفيّة راجعة إليه، ولا يكون لأحد من الحكّام ولا من جهة الحسبة ولا القضاة في ذلك حديث معه، ولا يشهد أحد من الصّوفية ولا ينتسب إلا بإذنه على العادة في ذلك، ويكون ذلك معدوقا بنظره.
فليعد إليها عودا حميدا، وليفد من الإصلاح ما لم يزل مفيدا، وليعتصم بالله تعالى مولاه فيما تولّاه وقد آتاه الله تثبيتا وتسديدا، وليشهد بها من القوم المباركين من كان عوده قبل الصوم عيدا؛ وهو أعزّه الله تعالى المسعود المباشرة، المحمود المعاشرة، المشهود منه اعتماد الاجتهاد في الدنيا والآخرة، المعهود منه النّفع التامّ، في فقراء مصر والشام، فكم أثّر الخير وآثره، وكثّر البرّ وواتره، ويسّر السير الحسن الذي لم يبرح لسان الإجماع شاكره.
ونحن نوصيه عملا بما أمر الله تعالى به رسوله صلّى الله عليه وسلّم في كتابه المبين، بقوله وهو أصدق القائلين: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ
«١» وإن كنا نتحقّق ما هو عليه من العلم والدّين، والحكم الرّصين، والزّهد والورع اللذين نحن منهما على بيّنة ويقين، باتّباع شروط الواقفين، والإمتاع بالعوارف أولياء الله العارفين:
فإنّه ما زال حيث حلّ في جميع الآفاق، واصلا للأرزاق، مواصلا بالأشواق، شاملا بالإرفاق، عاملا بالحقّ في إيصال الحقوق لذوي الاستحقاق. ونأمرهم