تخرج عنه كلمة اتّفاقهم؛ وكذلك له الحديث في جميع كنائس اليهود المستمرّة إلى الآن، المستقرّة بأيديهم من حين عقد عهد الذمة ثم ما تأكّد بعده لطول الزمان، من غير تجديد متجدّد، ولا إحداث قدر متزيّد؛ ولا فعل شيء مما لم تعقد عليه الذّمّة، ويقرّ عليهم سلفهم الأوّل سلف هذه الأمّة، وفي هذا كفاية وتقوى الله وخوف بأسنا رأس هذه الأمور المهمّة.
[وصية رئيس السامرة]«١» :
ولا يعجز عن لمّ شعث طائفته مع قلّتهم، وتأمين سربهم الذي لو لم يؤمّنوا فيه لأكلهم الذئب لذلّتهم؛ وليصن بحسن السّلوك دماءهم التي كأنما صبغت عمائمهم الحمر منها بما طلّ، وأوقد لهم منها النار الحمراء فلم يتّقوها إلا بالذّلّ، وليعلم أنهم شعبة من اليهود لا يخالفونهم في أصل المعتقد، ولا في شيء يخرج عن قواعد دينهم لمن انتقد؛ ولولا هذا لما عدّوا في أهل الكتاب، ولا قنع منهم إلا بالإسلام أو ضرب الرّقاب؛ فليبن على هذا الأساس، [ولينبيء قومه أنّهم منهم وإنما الناس أجناس]«٢» ، وليلتزم من فروع دينه ما لا يخالف فيه إلا بأن يقول لا مساس؛ وإذا كان كما يقول: إنه كهارون عليه السّلام فليلتزم الجدد، وليقم من شرط الذمّة بما يقيم به طول المدد، وليتمسّك بالموسويّة من غير تبديل، ولا تحريف في كلم ولا تأويل، وليحص عمله فإنه عليه مسطور، وليقف عند حدّه ولا يتعدّ طوره في الطّور، وليحكم في طائفته وفي أنكحتهم ومواريثهم وكنائسهم القديمة المعقود عليها بما هو في عقد دينه، وسبب لتوطيد قواعده في هذه الرتبة التي بلغها وتوطينه.