ولما كان فلان هو مستوعب هذه الصّفات، ومستودع هذه الأسماء والسّمات، وإليه بهذه المناقب يشار، وهو ساحب أذيال هذا الفخار- اقتضى حسن الرأي الشريف أن تفوّض إليه السلطنة الشريفة بثغر الإسكندرية المحروس، تفويضا يمضي في مصالحه لسانه وقلمه، ويصرّف بين الأوامر والنّواهي إشاراته وكلمه، ويزيّن مواكبه بطلعته، ويزيد مهابته ببعد صيته واشتهار سمعته.
فليباشر هذه الوظيفة مجمّلا مواكبها، مكمّلا مراتبها، موثّلا «١» بقواعد الأمن أرجاءها وجوانبها، ناشرا لواء العدل على عوالمها، قابضا بالإنصاف لمظلوم رعيّتها على يد ظالمها، معليا منار الشرع الشريف بمعاضدة حكّامه والانقياد إلى أحكامه، والوقوف في كل أمر مع نقضه وإبرامه، وليحرس جوانب هذا الثغر ويحميها، وليصن عوارضه وما فيها ومن فيها، وليكلأه برّا وبحرا، وليرخ عليه من ذبّه «٢» سترا فسترا، ولينجح لسافرته «٣» طلبا، وليبلّغهم من العدل والإحسان أربا، ويجمل معاملة من وجد منهم في سفره نصبا، واتخذ سبيله في البحر عجبا. والرعيّة فهم طراز الممالك، وعنوان العمارة الذي من شاهده في هذا الثغر علم ما وراء ذلك؛ وأحسن إليهم وارأف بهم، وبلّغهم من عدل هذه الدولة غاية أربهم؛ وأمور الخمس والديوان فلها قواعد مستقرّة، وقوانين مستمرّة؛ فاسلك منها جددا واضحا؛ وابتغ لها علما لائحا؛ وغير ذلك فلا يكاد على فهمك يخفى، من تقوى الله التي بها تكفّ عين المضارّ وتكفى؛ والله تعالى يلهمك صوابا، ولا يجعل بين حجاك وبين المصالح حجابا، بمنّه وكرمه!.