استقام عمود الملّة ممدود الطّرف على سائر الأطراف، فليل من ذلك وغيره جميع ما كان يليه من تقدّمه، وتقتضيه قواعد ولايته التي أمضينا فيه لسانه وقلمه.
فأمّا ما يدخل تحت هذا الإجمال من آداب القضاء وقواعده، وأدواته وعوائده: من تخصيص الحكم بأوقاته، ومساواته بين الخصمين في إنصافه وإنصاته، واجتناب الحكم في الأوقات المقتضية لتركه، وتوقّي نقض الأحكام التي نظمها عدم مخالفة النص والإجماع في سلكه، فإنه مكتف بالإجمال عن تفصيلها، مكتف عن ذكر كثيرها بالإيماء إلى قليلها، إذ هو أدرى بأوضاعها شرعا وعرفا، وأدرب بما قد يشذّ منها عن ألمعيّته أو يخفى، وملاك الوصايا تقوى الله تعالى وهي من خصائص نفسه، وفواتح ما ابتدأ الورع بإتقان درسه، والله تعالى يؤيد حكمه، ويعلي علمه، بمنّه وكرمه! والاعتماد [على الخطّ الشريف أعلاه] إن شاء الله تعالى.
واعلم أنه كان فيما تقدّم قد وليها قاض شافعيّ.
وهذه نسخة توقيع بقضائها، كتب به للقاضي «علم الدين الإخنائي» الشافعي، في ثامن شعبان سنة ثلاثين وسبعمائة، وهي:
الحمد لله الذي رفع لنا في كل ثغر علما، وأجرى لنا في جوار كلّ بحر ما يضاهيه كرما، وجعل من حكّام دولتنا الشريفة من يعرف بنسبه الإسنائي «١» بل السّنائي أنه يمحو من الظّلم ظلما.
نحمده على أن زادنا نعما، ووفّر للأحكام الشرعيّة بنا قسما، وأغلى قيما، فأضحت تنافس الدّرّ الثمين قيما، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نجرّد لإقامتها سيفا وقلما، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي جعل