واقطع بإيصال حقّ كلّ ناحية إليها من الماء منازعة الخصوم، ونبّئهم أنّ الماء قسمة بينهم لكلّ منهم شرب يوم معلوم، ولا تدع [به أحدا]«١» من أهل المفاسد، ومن جرت لهم بسوابق الفتن عوائد، ومن يتعزّز بربّ جاه، ومن لا «٢» يكون له إلى حماية اتّجاه، ومن خرج بوجهه للشرّ مصرّحا، أو لباب عقاب مستفتحا، أو وقف على درب أو قطع طريق، أو توعّد أهل رفاق أو أهل فريق، أو أقدم على ضرر أحد في نفس أو مال، أو خشيت له عاقبة في بداية أو مال، أو نزل في بلد أمير ليتغطّى بجناحه، أو ترامى إلى عصبة يحمل منهم حدّ سلاحه؛ فسلّ عليهم سيفك الماضي، وأحسن إلى الناس إذا خشيت أن تسيء إليهم التقاضي؛ ومن أمسكته منهم فأمض حكم الله فيهم، وأقم الحدود على متعدّيهم، وطهّر الأرض بماء السّيوف من أنجاسهم، وعلّق منهم أناسا بحبل الوريد إلى مدارج أنفاسهم، واصلب منهم على الجذوع من تناوح الرياح بسعفهم، وأوثق منهم بالسّلاسل والأغلال من لا تقتضي جرائمهم إيصالهم في المقابلة إلى حدّ تلفهم، وأكرم قدوم من يرد عليك من الكارم «٣» ، وقرّر بحسن تلقّيك أنك أوّل ما قدّمناه لهم من المكارم، فهم سمّار كلّ نادي، ورفاق كلّ ملّاح وحادي؛ ولا بدّ أن يتحدّث السّمّار، وتتداول بينهم الأسمار؛ فاجعل شكرنا دأب ألسنتهم، ومننا حلية أعناقهم، ومنحنا سببا لاستجلاب رفاقهم؛ فهم من موادّ الإرفاق، وجوادّ ما يحمل من طرف الآفاق؛ وقد بقي من بقايا أهل العقائد الفاسدة، والمعاقد البائدة، من يتعيّن إقعاد قائمهم، والتيقّظ لمتيقّظهم والنوم عن نائمهم.
ونحن ننبّهك على هذه الدّقائق، ونوقفك على أطرافها ولك رأيك إذا حقّت الحقائق؛ وطالع أبوابنا العالية بما أشكل عليك، تتنزّل أنوار هدانا أقرب من رجع نفسك إليك، وأقدر حقّ هذه النّعمة فإنّنا أوليناك منها ما لا يضاهى، وولّيناك من بلادنا قبلة