ولما كان فلان هو لهذا الأمر الجليل المسترعى، واسمه في أوّل مدارج التّنويه والتّنويل خير مستدعى، وفيه من جميل الأوصاف ما يرضي حسن الاقتراح وقد خبر أمور الكتبه، وقد علم من أحوالهم ما هو أحرى لهم بالتّجربة، وعرف خفايا المعاملات معرفة تامّة، وأحاط بجزئيات الجهات وكلّيّاتها إحاطة خاصّة وعامّة- اقتضى حسن الرّأي المنيف، أن رسم بالأمر الشريف- لا برح يشدّ عضد كلّ مهتمّ من الأولياء بأخي كل عزم، ويجعل له سلطانا لا يكل مصلحة إلى حزم ذي حزم- أن يفو- ض إليه شدّ- المهمات بالشام المحروس.
فليضبط الأمور ضبطا مستوعبا، ولينتصب لذلك انتصابا مترتّبا، وليحترز منفّذا ومصرّفا، ومسرعا ومستوقفا، ومتى ظهر حقّ يتمسك به تمسّك الغريم «١» ، ولا يحاب فيه ذا بأس قويّ ولا ذا منهج إلى المنع والدّفع غير قويم؛ وما من جهة إلا ولها شروط صوب الصّواب، ولا يعتمد على غير الحقّ منكّبا عن ترويج الكتاب، ولتكن الحمول مسيّرة، والمتخرّجات متوفّرة، وجهات الخاصّ مقرّرة، إذ الضّمّان لا ينتظر لهم نظرة إلى ميسرة «٢» ، فإنهم سوس المعاملات، وكواسر الجهات، ومنهم يحفظ أو يضاع، وبهم يترقّى أو ينحطّ الارتفاع، وجهات المقطعين الواجب له أن يجعل عليها واقية باقية، ولتحم لهم حتّى لا يتطاول إلى ذروتها امتداد الأيدي المختزلة ولا خطا العدوان الرّاقية، وليصرف وجهه بحفظه إلى مراقبة من في باب الشّدّ «٣» من مقدّمين ومن رسل يأكلون أموال الناس بالباطل، ويبيعون الآجل بالعاجل، ويخيفون العامّ والخاص، وكل منهم يروم الغناء وهو رقّاص.
هذه زبدة من الوصايا مقنعة، وعزمات غنيّة عن تكثير في القول أو توسعة؛ والله تعالى يكون له ويعينه، بمنه وكرمه، إن شاء الله تعالى.