فلذلك رسم ... - لا زال برّه شاملا، وبدره في أفق الإحسان كاملا- أن يفوّض إليه نظر الحسبة ويستمرّ في ذلك على حكم التوقيع الشريف الّذي بيده:
لما سبق من اختياره لذلك واصطفائه، وادّخاره لهذا المنصب من كفاة أعيانه وأعيان أكفائه، ولما تحلّى [به] من رياسة زانته عقودها، وتكمّل له من أصالة ضفت عليه حبرها وسمت به برودها «١» ، وتجمّل به من نزاهة أشرقت في أفق صعودها إلى الرتبة الجليلة سعودها، واتّصف به من كمال معرفة نجّزت له به من مطالب المناصب وعودها.
فليباشر ذلك معطيا هذه الوظيفة من حسن النّظر حقّها، محقّقا بجميل تصرّفه تقدّم أولويّته وسبقها، وليكن لأمر الأقوات ملاحظا، وعلى منع ذوي الغدر من الاحتكار المضيّق على الضّعفاء محافظا، وعلى الغشّ في الأقوات مؤدّبا، ولإجراء الموازين على حكم القسط مرتّبا، ولمن يرفع الأسعار لغير سبب رادعا، ولمن لا يزعه الكلام من المطفّفين «٢» بالتّأديب وازعا، ولقيم الأشياء محرّرا، ولقانون الجودة في المزروع والموزون مقرّرا، ولذوي الهيئات بلزوم شرائط المروءة آخذا، وعلى ترك الجمع والجماعات لعامة الناس مؤاخذا، ولتقوى الله تعالى في كلّ أمر مقدّما، وبما يخلّصه من الله تعالى لكل ما تقع به المعاملات بين الناس مقوّما؛ وفي خصائص نفسه ما يغنيه عن تأكيد الوصايا، وتكرار الحثّ على تقوى الله تعالى الّتي هي أشرف المزايا؛ فليجعلها شعار نفسه، ونجيّ أنسه، ومسدّد أحواله الّتي تظهر بها مزيّة يومه على أمسه؛ والخط الشريف أعلاه الله تعالى أعلاه، حجّة بمقتضاه.