الدنايا بمن يقوم بالحسبة- أن يفوّض إليه النّظر على الحسبة الشّريفة بدمشق وما معها من الممالك الشامية المضافة إليها، بالمعلوم المستقر، الشاهد به الديوان المعمور إلى آخر وقت: مضافا إلى ما هو بيده: من نظر الأوقاف المبرورة بالشّام، وأوقاف الملوك، خلا نظر الجامع المعمور إلى آخر وقت بحكم إفراده لمن عين له، تفويضا يضمّه إلى ربائب كنفه، ويعمّه بمواهب شرفه، ويحلّه في أعلى غرفه، ويحلّيه بما يحسد الدّرّ ما رمى من صدفه.
فاتّق الله في أحوالك، وانتق من يجمع عليه من النوّاب في أعمالك، وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر، فمنك المنكر لا يعرف والمعروف منك لا ينكر، واعتبر أحوال أرباب المعايش اعتبارا يصلح للناس أقواتهم، ويرغد أوقاتهم، ولا تدع صاحب سلعة يتعدّى إلى غير ما أحلّه الله له من المكاسب، ولا صاحب معيشة يقدم على تخلّل خلل في المآكل والمشارب، واقصد التّسوية بالحقّ فإنه سواء فيه البائع والمشتري، ولا فرق بين الرّخيص والثمين، وأقم الموازين بالقسط حتّى لا تتمكن كفّاتها أن تتحامل ولا تتحمل، ولا يستطيع قلبها أن يميل مع من يتموّل، ولا يقدر لسانها أن يكتم الشهادة بالحقّ وإن كان مثقال حبّة من خردل، واجعل لك على أهل المبايعات حفظة لتظلّ أعمالهم لك تنسخ، وتفقّد الأسواق مما يتولّد فيها من المفاسد فإنّ الشّيطان ربّما باض في الأسواق وفرّخ. وأرباب الصنائع فيهم من يدلّس، وفقهاء المكاتب «١» منهم من لعرضه يدنّس، والقصّاص غالبهم يتعمّد الكذب في قصصه، وأهل النّجامة «٢» كم منهم من لعب مرّة بعقل امرأة وأمات رجلا بغصصه، وآخرون ممن تضلّ بهم العقول، وتظلّ حائرة فيهم النّقول، وكثير ممن سوى هؤلاء يدك مبسوطة عليهم، وأحكامك محيطة بهم من خلفهم وبين يديهم؛ فقوّم منهم من مال، وقلّد مالكا رضي الله عنه فيما رآه من المعاقبة تارة بإنهاك الجسد وتارة بإفساد المال؛ فربّما