علموا، وعدلوا فيما حكموا، وحفظوا بالحقّ بيوت أموال الأمّة فاشترك أهل الملّة فيما غنموا، صلاة توكّل الإخلاص بإقامتها، وتكفّل الإيمان بإدامتها، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد: فإن أهمّ ما صرفت إليه الهمم، وأعمّ ما نوجب في اختيار الأكفاء له براءة الذّمم، وأخصّ ما اتّخذنا الاستخارة فيه دليلا، وأحقّ ما أقمنا عنّا فيه من أعيان الأمّة وكيلا، لا يدع حقّا للأمّة ما وجد إليه سبيلا- أمر بيت مال المسلمين الذي هو مادّة جهادهم، وجادّة جلادهم، وسبب استطاعتهم، وطريق إخلاصهم في طاعتهم، وسداد ثغورهم، وصلاح جمهورهم، وجماع ما فيه إتقان أحوالهم واستقرار أمورهم؛ ومن آكد مصالحه وأهمّها، وأخصّ قواعده وأعمّها، وأكمل أسباب وفوره وأتمّها، الوكالة الّتي تصون حقوقه أن تضاع، وتمنع خواصّه أن تشاع، وتحسن عن الأمّة في حفظ أموالها المناب، وتتولّى لكلّ من المسلمين فيما فرض الله لهم الدعوى والجواب؛ ولذلك لم نزل نتخيّر لها من ذخائر العلماء من زان الورع سجاياه، وكمّل العلم مزاياه، وانعقد الإجماع على كماله، وقصرت الأطماع عن التّحلّي بجمال علمه: وهل يبارى من كان علمه من جماله.
ولما كان المجلس الساميّ، الشّيخيّ، الفلانيّ، هو الّذي ظهرت فضائله وعلومه، ودلّ على بلوغ الغاية منطوق نعته ومفهومه، وحلّى علمه بالورع الّذي هو كمال الدين على الحقيقة، وسلك طريقة أبيه في التّفرّد بالفضائل فكان بحكم الإرث من غير خلاف صاحب تلك الطّريقة، مع نسب لنسيب ما مرّ حلاله، وتقّى ما ورثه من أبيه عن كلالة، وثبات في ثبوت الحقّ لا تستفزّه الأغراض، وأناة في قبول الحكم لا تحيل جواهره الأعراض، ووقوف مع الحقّ لا يبعده إلى ما [لا]«١» يجب، وبسطة في العلم بها يقبل ما يقبل ويجتنب ما