واجتباه لهداية خلقه إلى السّنن القويم، وجعل سلامة الصّلاة المقبولة من النقص مقرونة بالصلاة عليه والتّسليم- فإنّ أولى من رجّحه لخدمتنا الاختيار، وقدّمه في دولتنا الاختبار، وأخلصه حسن نظرنا الشّريف رتبة أبيه من قبل، وأغدق له سحاب برّنا صوب إحسان فلم يصبه طلّ بل وبل- ومن حمد سيره وسيره، وشكر في طاعتنا ورده وصدره، وزان الأصالة بالنباهة، والرّاسة بالوجاهة، والمعرفة بالنّزاهة، وجمع بين [الظّلف]«١» والاطّلاع، والتّضلّع من العفّة والاضطلاع، والصّفات الّتي لو تخّيرها لنفسه لم يزدها على ما فيه من كرم الطّباع.
ولما كان نظر الخزانة العالية بدمشق المحروسة رتبة لا يرقى إليها من الأكفاء إلا من ومن، ولا يقدّم لها من الأولياء إلا من تعيّن من رؤساء العصر وفضلاء الزّمن، وكان فلان هو الّذي عيّنه لها ارتياد الأكفاء، واصطفي هو من أهل الصّفاء، وتقدّم من وصف محاسنه ما لا يروّع تمام بدره وظهوره بالنّقص والاختفاء.
فلذلك رسم بالأمر الشّريف أن يفوّض إليه نظر الخزانة المذكورة.
فليباشر ذلك مباشرة من يحقّق في كفايته وفضيلته التّأميل، ويظهر حسن نظره الّذي هو كالنهار لا يحتاج إلى دليل، وليجر على جميل عادته في النهوض في خدمتنا بالسّنّة والفرض، ويضاعف اجتهاده الّذي بمثله جعل من اختير على خزائن الأرض؛ وهو يعلم أنّ هذه الرتبة مآل الأموال، وذخائر الإسلام الّتي هي مادة الجيوش وموارد الإفضال؛ فليعمل في مصالحها فكره ودأبه، وإذا كان حسن نظرنا الشريف قد جعله المؤتمن عليها: فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ
«٢» وفي سيرته الّتي عرفت، وصفاته الّتي إن وصفت فما