شهد له السفيانان «١» بعلوّ الرتبة في الرواية، واعترف له ابن معين «٢» في التبريز والتقدّم في الدراية؛ وهتف الخطيب البغداديّ بذكره على المنابر، وقال ابن الصلاح لمثل هذه الفوائد تتعين الرحلة، وفي تحصيلها تنفد المحابر؛ أو أبدى في أصول الدين نظرا تعلق منه أبو الحسن الأشعريّ بأوفى زمام، وسدّ باب الكلام على المعتزلة حتّى يقول عمرو بن عبيد «٣» وواصل بن عطاء ليتنا لم نفتح بابا في الكلام؛ أو دقق النظر في المنطق بهر الأبهريّ في مناظرته، وكتب الكاشي «٤» وثيقة على نفسه بالعجز عن مقاومته؛ أو ألمّ بالجدل رمى الأرموميّ «٥» نفسه بين يديه، وجعل العميديّ عمدته في آداب البحث عليه، أو بسط في اللغة لسانه اعترف له ابن سيده بالسيادة، وأقرّ بالعجز لديه الجوهري وجلس ابن فارس بين يديه مجلس الاستفادة؛ أو نحا إلى النحو والتصريف أربى فيه على سيبويه، وصرف الكسائي له عزمه فسار من البعد إليه، أو وضع أنموذجا في علوم البلاغة، وقف عنده الجرجاني، ولم يتعدّ حدّه ابن أبي الأصبع «٦» ولم يجاوز وضعه الرّمّاني، أو روى أشعار العرب، أزرى بالأصمعيّ في حفظه، وفاق أبا عبيدة في كثرة روايته وغزير