بحفظ دينه، ودلّ تمسّكه بأيمانه على صحّة إيمانه وقوّة يقينه، ولا حظته عيون السّعادة فكان في حزب الله الغالب وهو حزبنا، وقابلته وجوه الإقبال فأرته أنّ المغبون من فاته تقريبنا وقربنا، ورأى إحساننا إليه بعين لم يطرفها الجحود، ولم يطرقها إعراض السّعود، فسلك جادّة الوفاء وهي من أيمن الطّرق طريقا، واقتدى في الطاعة والولاء بمن قال فيهم بمثل قوله: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً
«١» ولمّا كان المجلس العالي ... هو الّذي حاز من سعادة الدّنيا والآخرة بحسن الطّاعة ما حاز، وفاز من برّنا وشكرنا بجميل المبادرة إلى الخدمة بما فاز، وعلم مواقع إحساننا إليه فعمل على استدامة وبلها، واستزادة فضلها، والارتواء من معروفها الّذي باء بالحرمان [منه]«٢» من خرج عن ظلّها، مع ما أضاف إلى ذلك: من شجاعة تبيت منها أعداء الدّين على وجل، ومهابة تسري إلى قلوب من بعد من أهل الكفر سرى ما قرب من الأجل- اقتضت آراؤنا الشريفة أن نمدّ على أطراف الممالك المحروسة منه سورا مصفّحا بصفاحه، مشرّفا بأسنة رماحه.
فرسم بالأمر الشريف العالي- لا زال يقلد وليّه فضلا، ويملأ ممالكه إحسانا وعدلا- أن يفوّض إليه كيت وكيت: لما تقدّم من أسباب تقديمه، وأوميء إليه من عنايتنا بهذا البيت الّذي هو سرّ حديثه وقديمه، ولعلمنا بأولويّته التي قطبها الشّجاعة، وفلكها الطّاعة، ومادّتها الدّيانة والتّقى، وجادّتها الأمانة التي لا تستزلّها الأهواء ولا تستفزّها الرّقى.
وليكن لأخبار العدوّ مطالعا، ولنجوى حركاتهم وسكناتهم على البعد سامعا، ولديارهم كلّ وقت مصبّحا حتّى يظنوه من كل ثنيّة عليهم طالعا، وليدم التّأهّب حتّى لا تفوته من العدوّ غارة ولا غرّة، ويلزم أصحابه بالتيقّظ لإدامة الجهاد الّذي جرّب الأعداء [منه]«٣» مواقع سيوفهم غير مرّة؛ وقد خبرنا من