الحمد لله الّذي أنجح بنا كلّ وسيلة، وأحسن بنا الخلف عمّن قضى في طاعتنا الشريفة سبيله، ومضى وخلّى ولده وسيلة، وأمسك به دمعة السّيوف في خدودها الأسيلة، وأمضى به كلّ سيف لا يردّ مضاء مضاربه بخيلة، وأرضى بتقليده كلّ عنق وجمّل كلّ جميلة.
نحمده على كلّ نعمة جزيلة، وموهبة جميلة، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة ترشد من اتخذ فيها نجوم الأسنّة دليله، وتجعل أعداء الله بعزّ الدّين ذليلة، وأنّ محمدا عبده ورسوله الّذي أكرم قبيله، وشرّف به كلّ قبيلة، وأظهر به العرب على العجم وأخمد من نارهم كلّ فتيلة، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة بكلّ خير كفيلة، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ دولتنا الشريفة لمّا خفق على المشرق والمغرب جناحها، وشمل البدو والحضر سماحها، ودخل في طاعتها الشريفة كلّ راحل ومقيم في الأقطار، وكلّ ساكن خيمة وجدار- ترعى النّعم بإبقائها في أهلها، وإلقائها في محلّها، مع ما تقدّم من رعاية توجب التّقديم، وتودع بها الصّنائع في بيت قديم، وتزيّن بها المواكب إذا تعارضت جحافلها، وتعارفت شعوبها وقبائلها، واستولت جيادها على الأمد وقد سبقت أصائلها، وتداعت فرسانها وقد اشتبهت مناسبها ومناصبها ومناصلها؛ وكانت قبائل العربان ممّن تعمّهم دعوتنا الشّريفة، وتضمّهم طاعتنا الّتي هي لهم أكمل وظيفة، ولهم النّجدة في كلّ بادية وحضر، وإقامة وسفر، وشام وحجاز، وإنجاد وإنجاز، ولم يزل (لآل عليّ) فيهم أعلى مكانة، وما منهم إلا من توسّد سيفه وافترش حصانه، وهم من دمشق المحروسة رديف أسوارها، وفريد سوارها، والنّازلون من أرضها في أقرب مكان، والنّازحون ولهم إلى الدار بها أقطار وأوطان؛ قد أحسنوا حول البلاد الشامية مقامهم، واستغنوا عن المقارعة على الضّيفان لما نصبوا بقارعة الطريق