الفضاء المتّسع، وتسدّ عليهم مجال الأرض الفسيحة فيغدو لهم حزنها «١» الحزن الشّامل وسهلها السّهل الممتنع.
فليتقلّد هذه الرتبة الّتي بمثلها تزهى الأجياد، وبتقلّدها يظهر حسن الانتقاء لجواهر الأولياء والانتقاد، وبتفويضها إلى مثله يعلم حسن الارتياد لمصالح البلاد والعباد، وليزد جيوشها المنصورة إرهابا لعدوّهم، وإرهافا لصوارم الجهاد في رواحهم وغدوّهم، وإدامة للنّفير «٢» الذي حبّبه الله إليهم، وقوّة على مجاوريهم من أهل النّفاق الذين يحسبون كلّ صيحة عليهم «٣» ، فإنّهم فرسان الجلاد الذين ألفوا الوقائع، وأسوار الفرات الذين عرفوا في الذّبّ عن ملّتهم بحفظ الشّرائع، وكشّافة الكرب الذين لا يزال لهم في سائر بلاد العدا سرايا وعلى جميع مطالع ديار الكفر طلائع؛ وهم بتقدمته تتضاعف شجاعتهم، وتزيد استطاعتهم وطاعتهم؛ وليأخذهم بمضاعفة الأهب وإدامة السّعي في حفظ البلاد والذّب، والتشبّه بأسود الغابات الّتي همّها في المسلوب لا السّلب؛ وليهتمّ بكشف أحوال عدوّ الإسلام ليبرح «٤» آمنا على الأطراف من حيفهم، متيقّظا لمكايدهم في رحلتي شتائهم وصيفهم، مفاجئا في كلّ منزل بسير يروّع سربهم، ويكدّر شربهم، ويجعل روح كلّ منهم من خوف قدومه نافرة عن الجسد، ويسلبهم بتوقّع مفاجأته القرار «ولا قرار على زأر من الأسد» ، ولا تزال قصّاده بأسرار قلوب الأعداء مناجية [ولا تبرح له من أعيان عيونه بين العدا فرقة ناجية]«٥» وليحتفل بتدريج الحمام الّتي هي رسل أعنّته، وإقامة الدّيادب الذين إذا دعوا همهمة بألسنة النّيران لبّتهم ألسنة أسنّته؛ وليمت قلوب أعدائه بوجل