فلذلك رسم بالأمر الشّريف- لا زالت شمس عدله، مشرقة في الوجود، وغيث فضله، مستهلّ الجود في التّهائم والنّجود- أن تفوّض إليه.........
... تفويضا يحدّد ارتفاعها، ويعمّر وهادها وبقاعها، ويؤيّد اندفاع مضارّها وانتفاعها، ويعيد الإشراق إلى مطالعها، والأمور إلى مواقعها من سداد التدبير ومواضعها، والإقدام إلى جيوشها وأبطالها [والشجاعة إلى حماتها ورجالها]«١» فليطلع في أفق مواكبها طلوع نعته الكريم، ويجر في جوانبها ما ألفته من موارد عدله الّذي فارقها غمامه وأثر سيله مقيم، ويعاود مصالح تلك المملكة التي لا تصلح أمورها إلّا عليه، ويراجع عصمة تلك العقيلة الّتي لا تطمع أبصار عواصمها إلّا إليه، ويلق في قلوب مجاوريها ذلك الرّعب الّذي نعى إلى كلّ منهم نفسه وأسلاه عمّاه في يديه، ويثبّت تلك المهابة الّتي جعلت منايا العدا براحته يأمرها فيهم وينهاها، وينشر في الرعايا تلك المعدلة التي هي كالشمس:
لا تبتغي بما صنعت منزلة عندهم ولا جاها، ولتكن أحوال عدوّ الإسلام بمرأى منه على عادته ومسمع، ويكفّ أطماع الكفّار على قاعدته فلا يحدث لهم إلى شيم برق الثّغور مطمح ولا في العلم بشنبها مطمع، وليكن من أرصاده، نهار عدوّ الدّين وليله، ومن أمداده، مجاز الجهاد وحقيقته فلا يبرح يبيّتهم خياله إذا لم تصبّحهم خيله، ولا يبرح له من أعيان عيونه بين العدا فرقة ناجية، وطائفة بأسرار قلوب القوم مناجية، لتكون له مقاتلهم على طول الأبد بادية، وتغدو منازلهم خاوية بين سراياه الرائحة والغادية. وليتعاهد أحوال الجيوش بإدامة عرضها، وإقامة واجبات القوّة وفرضها، وإطالة صيت السّمعة المشهورة لكماتها في طول بلاد العدا وعرضها، وإزاحة أعذارها للرّكوب، وإزالة عوائق ارتيادها للوثوب، وإعداد العدد الّتي لها من أيديهم طلوع و [في]«٢» مقاتل أعدائهم غروب، وليتفقد أحوال الحصون المصونة بسداد ثغورها، وسداد أمورها، وإزاحة أعذار