يناسب كل ولاية منها؛ فجرى الأمر في ذلك على السّداد، ومشت كتابته فيها على أتم المراد؛ إن كتب بيعة أو عهدا لخليفة، تعرّض فيه إلى وجوب القيام بأمر الخلافة، ونصب إمام للناس يقوم بأمرهم وتعرّض إلى اجتماع شروط الخلافة في المولّى، وأنه أحق بها من غيره. ثم إن كانت بيعة نشأت عن موت خليفة تعرّض لذكر الخليفة الميت، وما كان عليه أمره من القيام بأعباء الخلافة، وأنه درج بالوفاة، وأن المولّى استحقها من بعده دون غيره. وإن كانت ناشئة عن خلع خليفة تعرّض للسبب الموجب لخلعه؛ من الخروج عن سنن الطريق، والعدول عن منهج الحق ونحو ذلك مما يوجب الخلع لتصح ولاية الثاني. وإن كان عهدا تعرّض فيه إلى عهد الخليفة السابق إليه بالخلافة، وأنه أصاب في ذلك الغرض، وجرى فيه على سواء الصراط، ونحو ذلك مما يجري هذا المجرى من سائر الولايات على ما سيأتي ذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى.
وهذه فقرة من بيعة أنشأتها توضح ما أشرت إليه من ذلك.
فمن ذلك ما قلته فيها مشيرا إلى وجوب القيام بالإمامة:
أما بعد، فإن عقد الإمامة لمن يقوم بها من الأمة واجب بالإجماع، مستند لأقوى دليل تنقطع دون نقضه الأطماع، وتنبو عن سماع ما يخالفه الأسماع.
ومن ذلك ما قلته فيها مشيرا إلى اجتماع شروط الخلافة في المولّى وهو:
وكان فلان أمير المؤمنين، هو الذي جمع شروطها فوفّاها، وأحاط منها بصفات الكمال واستوفاها، ورامت به أدنى مراتبها فبلغت أغياها «١» ، وتسوّر معاليها فرقي إلى أعلاها، واتحد بها فكان صورتها ومعناها.
ومن ذلك ما قلته فيها مشيرا إلى عقد البيعة: فجمع أهل الحل والعقد، المعتبرين للاعتبار والعارفين بالنقد؛ من القضاة والعلماء، وأهل الخير