الأرض فرأى مشارقها ومغاربها ونرجو أن يكون ما زواه له مدّخرا لنا من الفتوح، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين هم خير أمّة أخرجت للإسلام، والذين ما زال الإيمان بهم مرفوع الألوية والأعلام، والذين لم يبرح داعي الضّلالة تحت قهر سيوفهم: فإذا أغفى «جرت عليه سيوفها الأحلام» ، صلاة يطيب اللّسان منها فيطرب، ويعرب عن صدق الإخلاص في تكرارها فيغرب، وسلّم تسليما.
أمّا بعد، فإنّ أولى من تستند أمور الممالك لعزمته، ويلقى أمر بوادر الفتوحات السّعيدة لهمّته، ويعتمد في تدبير أحوال البلاد والعباد على يمن تصرّفه وممتدّ نهضته- من لم يزل معروفا سداد رأيه، مشكورا في الخدمة الشريفة حسن سعيه، مؤيّدا [في]«١» عزمه، مظفرا في حزمه، مأمون التّأثير، ميمون التدبير، كافيا في المهمات، كافلا بعلوّ الهمّات، إذا همّ ألقى بين عينيه [صادق]«٢» عزمه، وإذا اعتمد عليه في مهمّ تلقّاه بهمّته وحزمه، وإذا جرّد كان هو السّيف اسما وفعلا، وإذا دارت رحى الحرب الزّبون «٣» فهو الشهم الّذي لا يخاف سهما ولا يرهب نصلا.
ولما كان.. «٤» هو بدر هذا الأفق، ومقلّد هذا العقد ولا يصلح هذا الطّوق إلا لهذا العنق، وهو الّذي فاق الأولياء اهتماما، وراق العيون تقدّما وإقداما، وأرضى القلوب نصحا ووفاء، وأنضى الهمم احتفالا للمصالح واحتفاء؛ طالما جرّب فحمد عند التجارب، وجرّد فأغنى عن القواضب، واختبر فاختير، ونظر في خصائصه فلم يوجد له نظير- اقتضى حسن الرّأي الشريف أن نقلّده فتوحات أنقذها الله تعالى من شرك الشّرك، وأخرجها إلى النّور بعد ظلام الإفك، وبشّرها أنّ هذه سحابة نصر يأتي وابله إن شاء الله تعالى بعد رذاذه،