صوارمنا، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة يستظل الإيمان، تحت لوائها، وتعبق الأكوان، بما تنطق به الألسنة من أروائها، ويشرق الوجود بما يبدو على الوجوه من روائها، وتجادل أعداءها في الآفاق لرفع كلمة ملّتها على الملل وإعلائها، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله خاتم الأنبياء، وأشرف حملة الأنباء، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه المخصوصين بأسنى مراتب الاجتباء، صلاة دائمة بدوام الأرض والسماء، وسلّم تسليما كثيرا.
أمّا بعد، فإنّ أولى من فوّضت إليه زعامة الجيوش بأسنى الممالك، وعدق به من تقدّم العساكر ما يرجف بمهابته هناك أرض العدوّ هنالك، وعقد به للرعايا لواء عدل تجلّى بإشراق ليل الظّلم الحالك، وعوّل عليه من جميل السّيرة فيما تعمر به البلاد وتأمن به الرعايا وتطمئنّ به المسالك- من لم يزل في خدمة الدّولة القاهرة سيفا ترهب العدا حدّه، ويخاف أهل الكفر فتكاته تحقّقا أنّ آجالهم عنده، ويتوقّع على كلّ كميّ من عظماء الشّرك أن رأسه سيكون غمده، مع سياسة تشتمل على الرعايا ظلالها الممتدّة، وسيرة تضع الأشياء مواضعها فلا تضع الحدّة موضع اللّين ولا اللّين موضع الحدّة، وتوفّر على عمارة البلاد يعين على ريّها طلّ الأنواء والوابل، وبراءة تجعل ما يودع فيها بالبركة والنّماء: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ
«١» ولمّا كان الجناب العالي هو السّيف الّذي على عاتق الدّولة نجاده، واللّيث الّذي لم يزل في سبيل الله إغارته وإنجاده، والغيث الّذي يخصب بمعدلته البلد الماحل، والأسد الّذي تصدّ ساكني البحر مهابته فيتحقّقون أنّ العطب لا السلامة في الساحل،- اقتضت آراؤنا الشريفة أن نزيد حدّ عزمه إرهافا، وأن نرهب العدا ببأسه الّذي يردّ آحاد ما تقدّم عليه من الجيوش آلافا، وأن نفوّض إليه من أمور رعايانا ما إذا أسند إليه يوسعهم عدلا وإنصافا.