نسمح بمثله، والهمام الّذي ما عدقنا «١» به أمرا إلا وقع في أحسن مواقعه وأسند إلى أكمل أهله.
وكانت البلاد الغزّاويّة والسّاحليّة والجبليّة على ساحل البحر بمنزلة السّور المشرّف بالرّماح، المصفّح بالصّفاح، مروجه الحماة، وقلله الكماة، لا يشيم برقه من ساكني البحر إلا أسير أو كسير، أو من إذا رجع إليه طرفه ينقلب إليه البصر خاسئا وهو حسير، وبها الجيش الّذي كم لسيوفه في رقاب العدا من مواقع، ولسمعته في قلوب أهل الكفر من إغارة تركتها من الأمن بلاقع، وبها الأرض المقدسة، والمواطن الّتي هي على التّقوى مؤسّسة، والمعابد الّتي لا تعدق أمورها إلا بمثله من أهل الدّين والورع، والأعمال الّتي هو أدرى بما يأتي من مصالحها وأدرب بما يدع- اقتضت آراؤنا الشريفة أن نعدق به نيابة ملكها، ونزيّن بلآليء مفاخره عقود سلكها، وأن نفوّض إليه زعامة أبطالها، وتقدمة عساكرها التي تلقى البحر بأزخر من عبابه والأرض بأثبت من جبالها، وأن نرمي بحرها من مهابته بأهول من أمواجه، وأمرّ في لهوات ساكنيه من أجاحه، لتغدو عقائل آهله، أرقّاء سيفه الأبيض وذابله، ويتبّر العدوّ الأزرق من بني الأصفر، خوف بأسه الأحمر.
فلذلك رسم بالأمر الشّريف أن يفوّض إليه كيت وكيت: تفويضا يحقّق في مثله رجاءها، ويزيّن بعدله أرجاءها، ويصون ببأسه قاطنها وظاعنها، ويعمّر ويغمر برفقه وإنصافه مساكنها وساكنها.
فليباشر هذه الرّتبة الّتي يكمّل به سعودها، وتجمّل به عقودها، مباشرة يخيف بأسها اللّيوث في أجماتها، ويعين عدلها الغيوث على دفع أزماتها،