وما يجري مجرى ذلك؛ ومدح الوزير الكاتب بما يليق بالعقل والدّربة، وحسن التنفيذ والسياسة، فإن أضيف إلى ذلك الوصف بالسرعة في إصابة الحزم، والاستغناء بحضور الذهن عن الإبطاء لطلب الإصابة كان أحسن وأكمل للمدح كما قيل:
بديهته مثل تفكيره ... متى رمته فهو مستجمع
وكما قيل:
يرى ساكن الأوصال باسط وجهه ... يريك الهويني والأمور تطير
ويمدح القائد يعني الأمير الذي يقود الجيش بما يجانس البأس والنجدة، ويدخل في باب البطش والبسالة، فإن أضيف إلى ذلك المدح بالجود والسماحة والحذق والبذل والعطية كان أحسن وأتم، من حيث إن السخاء أخو الشجاعة، وهما في أكثر الأمور موجودان في ذوي بعد الهمة، والإقدام والصولة، كما قال بعضهم جامعا بين البأس والجود:
فتّى دهره شطران ممّا ينوبه ... ففي بأسه شطر وفي جوده شطر
فلا من بغاة الخير في عينه قذى ... ولا من زئير الحرب في أذنه وقر
قال: وتمدح السّوقة والمتعيشون بأصناف الحرف وضروب المكاسب، والصّعاليك بما يضاهي الفضائل النفسانية من العقل والعفّة والعدل والشّجاعة، خاليا عن مثل الملوك ومن تقدّم ذكره من الوزراء والكتّاب والقوّاد.
ويمدح ذو والشجاعة منهم بالإقدام والفتك والتشمير والتيقّظ والصبر مع التحذّق والسّماحة وقلّة الاكتراث بالخطوب الملمة ونحو ذلك.
قلت: ويؤخذ مما ذكره قدامة أن القضاة والعلماء يوصفون بما يليق بمحلهم من ذلك، فيوصف العالم بثقابة الذهن، وحدّة الفهم، وسعة الباع في الفضل؛ وما يجري مجرى ذلك، ويوصف القضاة بذلك وبالعدل والعفة ومباينة الجور ونحو ذلك؛ وستقف في قسم الولايات في نسخ البيعات والعهود والتقاليد والتواقيع