للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند الله هجرته الّتي كانت على الحقيقة إلى الله ورسوله، وسلك في طريق خدمته الشّريفة أحسن السّلوك، وانتهت به «١» السّعادة إلى خدمة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليعرض بجوهرها الأعلى عن عرض خدمة الملوك، وفاز من مجاورة الحجرة الشريفة بما عظمت عليه [به] «٢» المنّة، وحلّ به مما بين القبر والمنبر في روضة من رياض الجنّة، وأقام في مقام جبريل، ومهبط الوحي والتنزيل، يتفيّأ ظلال الرّحمة الوارفة، ويتهيّأ من تلك النّعمة بالعارفة بعد العارفة- تعيّن أن يكون هو المحلّى بعقود مشيخة ذلك الحرم، والمتولّي لمصالح هذه الطائفة الّتي له في التّقدّم عليهم أثبت قدم.

فرسم بالأمر الشريف لا زال......... أن تفوّض إليه المشيخة على خدّام الحرم الشريف النّبويّ: للعلم بأنّه العامل الورع، والكافل الّذي يعرف أدب تلك الوظيفة: من خدمة الرسول صلّى الله عليه وسلم- على ما شرع، والزّاهد الّذي آثر جوار نبيّه على سواه، والخاشع الّذي نوى بخدمته الدّخول في زمرة من خدمه في حياته: «ولكلّ امريء ما نواه» .

فليستقرّ في هذه الوظيفة الكريمة قائما بآدابها، مشرّفا بها نفسه الّتي تشبّثت من خدمته الشريفة بأهدابها، سالكا في ذلك ما يجب، محافظا على قواعد الورع في كلّ ما يأتي وما يجتنب، قاصدا بذلك وجه الله الّذي لا يخيّب لرابح أملا، ولا يضيّع أجر من أحسن عملا، ملزما كلّا من طائفة الخدّام بما يقرّبه عند الله زلفى، ويضاعف الحسنة الواحدة سبعين ضعفا، هاديا من ضلّ في قوانين الخدمة إلى سواء السبيل، مبديا لهم من آداب سلوكه ما يغدو لهم منه أوضح هاد وأنور دليل؛، وفيه من آداب دينه ما يغني عن تكرار الوصايا، وتجديد القضايا؛ والله تعالى يسدّده في القول والعمل، ويوفّقه لخدمة سيّد المرسلين صلّى الله عليه وسلّم وقد فعل؛ بمنّه وكرمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>