قدحت، المغيرات على السّرى صبحا ما دار عليها شفق العشيّ فاغتبقت «١» ، حتّى دار عليها شفق الفجر فاصطبحت. ومراكز الطّرق الّتي حمتها مهابته فكأنّها مراكز الأسل، ومراكض السّبل، كلّ واد منها وما حمل وكل حدب وما نسل؛ واعتمادا على سداد عزمه الّذي وافق خبره الخبر، ورشاد سعيه الّذي كلّ أوقاته من وجوه الإجادة ووجوه الجياد غرر، وركونا إلى أنّه الكافي فيما يعتمده ويراه، السّاري في المهمّات لا يملّ وهيهات أن يمل البدر من سراه؛ كم أعان الإسلام على ما اتّخذه من قوّة ومن رباط الخيل، وكم جاد على الجياد على الغيث «٢» حتّى سارت بين يديه كالسّيل، وكم حفظ عليها قوتها وقوّتها فبعد ما كانت تموت بالعدد صارت تعيش بالكيل.
فليباشر ما عوّل فيه عليه، وأعيد من حقّه وإن كان خرج عنه إليه، وليطلق يد أمره ونهيه بما يسرّه أن يقدّمه بين يديه، حريصا على أن تنطق هذه الدّوابّ الخرس غدا بثنائه، مجريا لقوائمها وللإقامة بها على عادة إجرائه، متخيرا لها كلّ حسن الإمرة والسّياسة عند رحيلها وقدومها، ومن إذا عرضت عليه بالعشيّ الصّافنات الجياد طفق مسحا ولكن بإماطة الأذى عن جسومها، موسّعا عليها من المباني والأحوال كلّ مضيق، آمرا بما يحتاج إليه نوعها البديع من صناعتي ترشيح وتطبيق، مستأمنا من الأيدي من يردّ عنها الأيادي الضّائمة، ومن يساوي بينها في الأقوات حتّى لا تكون كما قال الأوّل:«خيل صيام وخيل غير صائمة» ، متحرّيا في تكفيتها أجمل الطّرق والطّرائق، مستجلبا صنوف العليق فلا تنقطع من برّه العلائق؛ والله تعالى يمدّه بعونه ورشده، ويجعل عزمه سابقا إلى التوفيق «سبق الجواد إذا استولى على أمده» ، بمنّه وكرمه.